الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منهاج الطالبين وعمدة المتقين ***
مَنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا، وَمَنْ قَدَرَ وَلَمْ يَثِقْ بِأَمَانَتِهِ كُرِهَ، فَإِنْ وَثِقَ اُسْتُحِبَّ. وَشَرْطُهُمَا شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ. وَيُشْتَرَطُ صِيغَةُ الْمُودِعِ كَاسْتَوْدَعْتُكَ هَذَا أَوْ اسْتَحْفَظْتُكَ أَوْ أَنَبْتُكَ فِي حِفْظِهِ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَيَكْفِي الْقَبْضُ وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ مَالاً لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ. وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَالاً فَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ. وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَصَبِيٍّ وَتَرْتَفِعُ بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ الْمُودَعِ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ، وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ. وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ: مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إذْنٍ وَلَا عُذْرٍ، فَيَضْمَنُ. وَقِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِيَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا إلَى الْحِرْزِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ مُشْتَرَكَةٍ. وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا فَلْيَرُدَّ إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فَإِنْ فَقَدَهُمَا فَالْقَاضِي فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٌ. فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ وَسَافَرَ ضَمِنَ فَإِنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا يَسْكُنُ الْمَوْضِعِ لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ سَافَرَ بِهَا ضَمِنَ إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ كَمَا سَبَقَ، وَالْحَرِيقُ وَالْغَارَةُ فِي الْبُقْعَةِ وَإِشْرَافُ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ أَعْذَارٌ كَالسَّفَرِ. وَإِذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَلْيَرُدَّهَا إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمِ أَوْ إلَى أَمِينٍ أَوْ يُوصِي بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ، إلَّا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ بِأَنْ مَاتَ فَجْأَةً. وَمِنْهَا إذَا نَقَلَهَا مِنْ مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ إلَى أُخْرَى دُونَهَا فِي الْحِرْزِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَدْفَعَ مُتْلَفَاتِهَا. فَلَوْ أَوْدَعَهُ دَابَّةً فَتَرَكَ عَلْفَهَا ضَمِنَ، فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا عَلَفَهَا مِنْهُ، وَإِلَّا فَيُرَاجِعُهُ أَوْ وَكِيلُهُ، فَإِنْ فُقِدَا فَالْحَاكِمُ، وَلَوْ بَعَثَهَا مَعَ مَنْ يَسْقِيهَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ. وَعَلَى الْمُودَعِ تَعْرِيضُ ثِيَابِ الصُّوفِ لِلرِّيحِ كَيْ لَا يُفْسِدَهَا الدُّودُ، وَكَذَا لِبْسُهَا عِنْدَ حَاجَتِهَا. وَمِنْهَا أَنْ يَعْدِلَ عَنْ الْحِفْظِ الْمَأْمُورِ وَتَلِفَتْ بِسَبَبِ الْعُدُولِ فَيَضْمَنُ، فَلَوْ قَالَ لَا تَرْقُدْ عَلَى الصُّنْدُوقِ فَرَقَدَ وَانْكَسَرَ بِثِقَلِهِ وَتَلِفَ مَا فِيهِ ضَمِنَ، وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِهِ فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا تُقْفِلْ عَلَيْهِ قُفْلَيْنِ فَأَقْفَلَهُمَا. وَلَوْ قَالَ ارْبِطْ الدَّرَاهِمَ فِي كُمِّك فَأَمْسَكَهَا فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ضَاعَتْ بِنَوْمٍ وَنِسْيَانٍ ضَمِنَ؛ أَوْ بِأَخْذِ غَاصِبٍ فَلَا؛ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ بَدَلاً عَنْ الرَّبْطِ فِي الْكُمِّ لَمْ يَضْمَنْ، وَبِالْعَكْسِ يَضْمَنُ. وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِالسُّوقِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْحِفْظِ فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ أَخَذَهَا غَاصِبٌ وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَتْ بِغَفْلَةٍ أَوْ نَوْمٍ وَإِنْ قَالَ احْفَظْهَا فِي الْبَيْتِ فَلْيَمْضِ إلَيْهِ وَيُحْرِزُهَا فِيهِ، فَإِنْ أَخَّرَ بَلَا عُذْرٍ ضَمِنَ. وَمِنْهَا أَنْ يُضَيِّعَهَا بِأَنْ يَضَعَهَا فِي غَيْرِ حِرْزٍ مِثْلِهَا، أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهَا سَارِقًا أَوْ مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ. فَلَوْ أَكْرَهَهُ ظَالِمٌ حَتَّى سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ فِي الْأَصَحِّ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ. وَمِنْهَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا بِأَنْ يَلْبَسَ أَوْ يَرْكَبَ خِيَانَةً، أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ لِيَلْبَسَهُ أَوْ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا فَيَضْمَنُ. وَلَوْ نَوَى الْأَخْذَ وَلَمْ يَأْخُذ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ خَلَطَهَا بِمَالِهِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ ضَمِنَ، وَلَوْ خَلَطَ دَرَاهِمَ كِيسَيْنِ لِلْمُودِعِ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ. وَمَتَى صَارَتْ مَضْمُونَةً بِانْتِفَاعٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ تَرَكَ الْخِيَانَةَ لَمْ يَبْرَأْ، فَإِنْ أَحْدَثَ لَهُ الْمَالِكُ اسْتِئْمَانًا بَرِئَ فِي الْأَصَحِّ. وَمَتَى طَلَبَهَا الْمَالِكُ لَزِمَهُ الرَّدُّ بِأَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا. فَإِنْ أَخَّرَ بَلَا عُذْرٍ ضَمِنَ. وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ ذَكَرَ خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ذَكَرَ ظَاهِرًا كَحَرِيقٍ فَإِنْ عُرِفَ الْحَرِيقُ وَعُمُومُهُ صُدِّقَ بَلَا يَمِينٍ، وَإِنْ عُرِفَ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ جُهِلَ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ. وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودِعِ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ، وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مُضَمِّنٍ.
الْفَيْءُ: مَالٌ حَصَلَ مِنْ كُفَّارٍ بَلَا قِتَالٍ وَإِيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ كَجِزْيَةٍ وَعُشْرِ تِجَارَةٍ وَمَا جَلَوْا عَنْهُ خَوْفًا وَمَالِ مُرْتَدٍّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ وَذِمِّيٍّ مَاتَ بَلَا وَارِثٍ فَيُخَمَّسُ. وَخُمْسُهُ لِخَمْسَةٍ: أَحَدُهَا مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ كَالثُّغُورِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ يُقَدَّمُ الْأَهَمُّ، وَالثَّانِي بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ يَشْتَرِكُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ وَالنِّسَاءُ وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ كَالْإِرْثِ، وَالثَّالِثُ الْيَتَامَى، وَهُوَ صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ، وَيُشْتَرَطُ فَقْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ، وَيَعُمُّ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ، وَقِيلَ يُخَصُّ بِالْحَاصِلِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ فِيهَا مِنْهُمْ، وَأَمَّا الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَهُمْ الْأَجْنَادُ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ فَيَضَعُ الْإِمَامُ دِيوَانًا، وَيُنَصِّبُ لِكُلِّ قَبِيلَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ عَرِيفًا وَيَبْحَثُ عَنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ وَعِيَالِهِ وَمَا يَكْفِيهِمْ فَيُعْطِيهِ كِفَايَتَهُمْ وَيُقَدِّمُ فِي إثْبَاتِ الِاسْمِ وَالْإِعْطَاءِ قُرَيْشًا، وَهُمْ وَلَدُ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، وَيُقَدِّمُ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ ثُمَّ عَبْدِ شَمْسٍ ثُمَّ نَوْفَلٍ ثُمَّ عَبْدِ الْعُزَّى ثُمَّ سَائِرَ الْبُطُونِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الْأَنْصَارَ، ثُمَّ سَائِرَ الْعَرَبِ، ثُمَّ الْعَجَمَ وَلَا يُثْبِتُ فِي الدِّيوَانِ أَعْمَى وَلَا زَمِنًا وَلَا مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْغَزْوِ، وَلَوْ مَرِضَ بَعْضُهُمْ أَوْ جُنَّ وَرُجِيَ زَوَالُهُ أُعْطِيَ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُعْطَى، وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ إذَا مَاتَ فَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تُنْكَحَ وَالْأَوْلَادُ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا. فَإِنْ فَضَلَتْ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ وُزِّعَ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مُؤْنَتِهِمْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ بَعْضُهُ فِي إصْلَاحِ الثُّغُورِ وَالسِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، هَذَا حُكْمُ مَنْقُولِ الْفَيْءِ. فَأَمَّا عَقَارُهُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُجْعَلُ وَقْفًا، وَتُقَسَّمُ غَلَّتُهُ كَذَلِكَ.
الْغَنِيمَةُ: مَالٌ حَصَلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ. فَيُقَدَّمُ مِنْهُ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ وَهُوَ ثِيَابُ الْقَتِيلِ وَالْخُفُّ وَالرَّانُ وَآلَاتُ الْحَرْبِ كَدِرْعٍ وَسِلَاحٍ وَمَرْكُوبٍ وَسَرْجٍ وَلِجَامٍ وَكَذَا سِوَارٌ وَمِنْطَقَةٌ وَخَاتَمٌ، وَنَفَقَةٌ مَعَهُ وَجَنِيبَةٌ تُقَادُ مَعَهُ فِي الْأَظْهَرِ، لَا حَقِيبَةٌ مَشْدُودَةٌ عَلَى الْفَرَسِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِرُكُوبِ غَرَرٍ يَكْفِي بِهِ شَرَّ كَافِرٍ فِي حَالِ الْحَرْبِ، فَلَوْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ أَوْ مِنْ الصَّفِّ أَوْ قَتَلَ نَائِمًا أَوْ أَسِيرًا أَوْ قَتَلَهُ وَقَدْ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ فَلَا سَلَبَ، وَكِفَايَةُ شَرِّهِ أَنْ يُزِيلَ امْتِنَاعَهُ بِأَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ. وَلَا يُخَمَّسُ السَّلَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَبَعْدَ السَّلَبِ تُخْرَجُ مُؤْنَةُ الْحِفْظِ وَالنَّقْلِ وَغَيْرِهِمَا ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي فَخُمُسُهُ لِأَهْلِ خُمُسِ الْفَيْءِ يُقَسَّمُ كَمَا سَبَقَ. وَالْأَصَحُّ أَنَّ النَّفَلَ يَكُونُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ الْمُرْصَدِ لِلْمَصَالِحِ إنْ نَفَلَ مِمَّا سَيُغْنَمُ فِي هَذَا الْقِتَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُنَفِّلَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ، وَالنَّفَلُ زِيَادَةٌ يَشْتَرِطُهَا الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ لِمَنْ يَفْعَلُ مَا فِيهِ نِكَايَةَ الْكُفَّارِ وَيَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ، وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا لِلْغَانِمِينَ. وَهُمْ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ. وَلَا شَيْءَ لِمَنْ حَضَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، وَفِيمَا قَبْلَ حِيَازَةِ الْمَالِ وَجْهٌ. وَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ وَالْحِيَازَةِ فَحَقُّهُ لِوَارِثِهِ وَكَذَا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ وَقَبْلَ الْحِيَازَةِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ مَاتَ فِي الْقِتَالِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْأَجِيرَ لِسِيَاسَةِ الدَّوَابِّ وَحِفْظِ الْأَمْتِعَةِ، وَالتَّاجِرَ وَالْمُحْتَرِفَ يُسْهَمُ لَهُمْ إذَا قَاتَلُوا. وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ. وَلَا يُعْطَى إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لَا لِبَعِيرٍ وَغَيْرِهِ. وَلَا يُعْطَى لِفَرَسٍ أَعْجَفَ وَمَا لَا غَنَاءَ فِيهِ، وَفِي قَوْلٍ يُعْطَى إنْ لَمْ يُعْلَمْ نَهْيُ الْأَمِيرِ عَنْ إحْضَارِهِ. وَالْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ وَالذِّمِّيُّ إذَا حَضَرُوا فَلَهُمْ الرَّضْخُ وَهُوَ دُونَ سَهْمٍ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ. وَمَحِلُّهُ الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَظْهَرِ. قُلْتُ: إنَّمَا يَرْضَخُ لِذِمِّيٍّ حَضَرَ بَلَا أُجْرَةٍ، وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْفَقِيرُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ، وَلَا يَمْنَعُ الْفَقْرَ مَسْكَنُهُ وَثِيَابُهُ وَمَالُهُ الْغَائِبُ فِي مَرْحَلَتَيْنِ، وَالْمُؤَجَّلُ وَكَسْبٌ لَا يَلِيقُ بِهِ. وَلَوْ اشْتَغَلَ بِعِلْمٍ وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ فَفَقِيرٌ. وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّوَافِلِ فَلَا. وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الزَّمَانَةُ وَلَا التَّعَفُّفُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْجَدِيدِ. وَالْمَكْفِيُّ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ لَيْسَ فَقِيرًا فِي الْأَصَحِّ. وَالْمِسْكِينُ: مَنْ قَدَرَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ وَلَا يَكْفِيهِ. وَالْعَامِلُ سَاعٍ وَكَاتِبٌ وَقَاسِمٌ وَحَاشِرٌ يَجْمَعُ ذَوِي الْأَمْوَالِ، لَا الْقَاضِي وَالْوَالِي. وَالْمُؤَلَّفَةُ مَنْ أَسْلَمَ وَنِيَّتُهُ ضَعِيفَةٌ أَوْ لَهُ شَرَفٌ يُتَوَقَّعُ بِإِعْطَائِهِ إسْلَامُ غَيْرِهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ. وَالرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ. وَالْغَارِمُ إنْ اسْتَدَانَ لِنَفْسِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أُعْطِيَ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ يُعْطَى إذَا تَابَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ حَاجَتِهِ دُونَ حُلُولِ الدَّيْنِ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُلُولِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَوْ لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ أُعْطِيَ مَعَ الْغِنَى، وَقِيلَ: إنْ كَانَ غَنِيًّا بِنَقْدٍ فَلَا. وَسَبِيلُ اللَّهِ تَعَالَى غُزَاةٌ لَا فَيْءَ لَهُمْ فَيُعْطَوْنَ مَعَ الْغِنَى. وَابْنُ السَّبِيلُ مُنْشِئُ سَفَرٍ أَوْ مُجْتَازٌ، وَشَرْطُهُ الْحَاجَةُ وَعَدَمُ الْمَعْصِيَةِ، وَشَرْطُ آخِذِ الزَّكَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ الْإِسْلَامُ وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا وَكَذَا مَوْلَاهُمْ فِي الْأَصَحِّ.
مَنْ طَلَبَ زَكَاةً وَعَلِمَ الْإِمَامُ اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ عَدَمَهُ عَمِلَ بِعِلْمِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ ادَّعَى فَقْرًا أَوْ مَسْكَنَةً لَمْ يُكَلَّفْ بَيِّنَةً، فَإِنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ كُلِّفَ، وَكَذَا إنْ ادَّعَى عِيَالاً فِي الْأَصَحِّ. وَيُعْطَى غَازٍ وَابْنُ سَبِيلٍ بِقَوْلِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا اُسْتُرِدَّ، وَيُطَالَبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ بِبَيِّنَةٍ، وَهِيَ: إخْبَارُ عَدْلَيْنِ، وَيُغْنِي عَنْهَا الِاسْتِفَاضَةُ، وَكَذَا تَصْدِيقُ رَبِّ الدَّيْنِ وَالسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ. وَيُعْطَى الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ كِفَايَةَ سَنَةٍ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ كِفَايَةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَيَشْتَرِي بِهِ عَقَارًا يَسْتَغِلُّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِلَى الْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ قَدْرُ دَيْنِهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ مَا يُوَصِّلُهُ مَقْصِدَهُ أَوْ مَوْضِع مَالِهِ، وَالْغَازِي قَدْرُ حَاجَتِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَمُقِيمًا هُنَاكَ وَفَرَسًا وَسِلَاحًا، وَيَصِيرُ ذَلِكَ مِلْكًا لَهُ، وَيُهَيَّأُ لَهُ وَلِابْنِ السَّبِيلِ مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلاً أَوْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يُطِيقُ الْمَشْيَ، وَمَا يَنْقُلُ عَلَيْهِ الزَّادَ وَمَتَاعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْرًا يَعْتَادُ مِثْلُهُ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ، وَمَنْ فِيهِ صِفَتَا اسْتِحْقَاقٍ يُعْطَى إحْدَاهُمَا فَقَطْ فِي الْأَظْهَرِ.
يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ إنْ قَسَّمَ الْإِمَامُ وَهُنَاكَ عَامِلٌ، وَإِلَّا فَالْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ، فَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهُمْ فَعَلَى الْمَوْجُودِينَ، وَإِذَا قَسَمَ الْإِمَامُ يَسْتَوْعِبُ مِنْ الزَّكَوَاتِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَهُ آحَادَ كُلِّ صِنْفٍ، وَكَذَا يَسْتَوْعِبُ الْمَالِكَ إنْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ فِي الْبَلَدِ وَوَفَّى بِهِمْ الْمَالُ، وَإِلَّا فَيَجِبُ إعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ، وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ. لَا بَيْنَ آحَادِ الصِّنْفِ، إلَّا أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّفْضِيلُ مَعَ تَسَاوِي الْحَاجَاتِ. وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ نَقْلِ الزَّكَاةِ وَلَوْ عُدِمَ الْأَصْنَافُ فِي الْبَلَدِ وَجَبَ النَّقْلُ، أَوْ بَعْضُهُمْ وَجَوَّزْنَا النَّقْلَ وَجَبَ، وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى الْبَاقِينَ، وَقِيلَ يُنْقَلُ وَشَرْطُ السَّاعِي كَوْنُهُ حُرًّا عَدْلاً فَقِيهًا بِأَبْوَابِ الزَّكَاةِ فَإِنْ عُيِّنَ أَخْذٌ وَدَفْعٌ لَمْ يُشْتَرَطْ الْفِقْهُ وَلْيُعْلِمْ شَهْرًا لِأَخْذِهَا. وَيُسَنُّ وَسْمُ نَعَمِ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكْثُرُ شَعْرُهُ، وَيُكْرَهُ فِي الْوَجْهِ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ يَحْرُمُ وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ لَعْنُ فَاعِلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ سُنَّةٌ. وَتَحِلُّ لِغَنِيٍّ، وَكَافِرٍ. وَدَفْعُهَا سِرًّا. وَفِي رَمَضَانَ. وَلِقَرِيبٍ وَجَارٍ أَفْضَلُ. وَتُسَنُّ الصَّدَقَةُ بِالْمَاءِ، لِخَبَرِ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْمَاءُ. أَيْ فِي الْأَمَاكِنِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ. وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ وَلَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ. قُلْتُ: الْأَصَحُّ تَحْرِيمُ صَدَقَتِهِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ لِدَيْنٍ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي اسْتِحْبَابِ الصَّدَقَةِ بِمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهُمَا إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ اُسْتُحِبَّ، وَإِلَّا فَلَا.
هُوَ مُسْتَحَبُّ لِمُحْتَاجٍ إلَيْهِ يَجِدُ أُهْبَتَهُ، فَإِنْ فَقَدَهَا اُسْتُحِبَّ تَرْكُهُ، وَيَكْسِرُ شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ كُرِهَ إنْ فَقَدَ الْأُهْبَةَ، وَإِلَّا فَلَا لَكِنْ الْعِبَادَةُ أَفْضَلُ. قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَتَعَبَّدْ فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ وَجَدَ الْأُهْبَةَ وَبِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ دَائِمٍ أَوْ تَعْنِينٍ كُرِهَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُسْتَحَبُّ دَيِّنَةٌ بِكْرٌ نَسِيبَةٌ لَيْسَتْ قَرَابَةً قَرِيبَةً، وَإِذَا قَصَدَ نِكَاحَهَا سُنَّ نَظَرُهُ إلَيْهَا قَبْلَ الْخِطْبَةِ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ، وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ وَلَا يَنْظُرُ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَيَحْرُمُ نَظَرُ فَحْلٍ بَالِغٍ إلَى عَوْرَةِ حُرَّةٍ كَبِيرَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَكَذَا وَجْهُهَا وَكَفَّيْهَا عِنْدَ خَوْفِ فِتْنَةٍ، وَكَذَا عَنْدَ الْأَمْنِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ، وَيَحِلُّ مَا سِوَاهُ، وَقِيلَ مَا يَبْدُو فِي الْمِهْنَةِ فَقَطْ، وَالْأَصَحُّ حِلُّ النَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ إلَى الْأَمَةِ إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ. وَإِلَى صَغِيرَةٍ إلَّا الْفَرْجِ. وَأَنَّ نَظَرَ الْعَبْدِ إلَى سَيِّدَتِهِ وَنَظَرَ مَمْسُوحٍ كَالنَّظَرِ إلَى مَحْرَمٍ، وَأَنَّ الْمُرَاهِقَ كَالْبَالِغِ. وَيَحِلُّ نَظَرُ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ إلَّا مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ. وَيَحْرُمُ نَظَرُ أَمْرَدَ بِشَهْوَةٍ. قُلْتُ: وَكَذَا بِغَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْحُرَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْمَرْأَةُ مَعَ امْرَأَةٍ كَرَجُلٍ وَرَجُلٍ. وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ نَظَرِ ذِمِّيَّةٍ إلَى مُسْلِمَةٍ. وَجَوَازُ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى بَدَنِ أَجْنَبِيٍّ سِوَى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً. قُلْتُ: الْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ كَهُوَ إلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَظَرُهَا إلَى مَحْرَمِهَا كَعَكْسِهِ. وَمَتَى حَرُمَ النَّظَرُ حَرُمَ الْمَسُّ. وَمُبَاحَانِ لِفَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَعِلَاجٍ. قُلْتُ: وَيُبَاحُ النَّظَرُ لِمُعَامَلَةٍ وَشَهَادَةٍ. وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَى كُلِّ بَدَنِهَا.
تَحِلُّ خِطْبَةُ خَلِيَّةٍ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ، لَا تَصْرِيحٌ لِمُعْتَدَّةٍ، وَلَا تَعْرِيضٌ لِرَجْعِيَّةٍ، وَيَحِلُّ تَعْرِيضٌ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَكَذَا لِبَائِنٍ فِي الْأَظْهَرِ. وَتَحْرُمُ خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مَنْ صُرِّحَ بِإِجَابَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجَبْ وَلَمْ يُرَدَّ، لَمْ تَحْرُمْ فِي الْأَظْهَرِ. وَمَنْ اُسْتُشِيرَ فِي خَاطِبٍ ذَكَرَ مَسَاوِئَهُ بِصِدْقٍ. وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ خُطْبَةٍ قَبْلَ الْخِطْبَةِ وَقَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَوْ خَطَبَ الْوَلِيُّ فَقَالَ الزَّوْجُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلْتُ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ لَا يُسْتَحَبُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ طَالَ الذِّكْرُ الْفَاصِلُ لَمْ يَصِحَّ.
إنَّمَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِإِيجَابٍ؛ وَهُوَ زَوَّجْتُكَ أَوْ أَنْكَحْتُك، وَقَبُولٌ: بِأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُ أَوْ نَكَحْتُ أَوْ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا، وَيَصِحُّ تَقَدُّمُ لَفْظِ الزَّوْجِ عَلَى الْوَلِيِّ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ. وَيَصِحُّ بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ، لَا بِكِنَايَةٍ قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ فَقَالَ قَبِلْتُ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ قَالَ: زَوِّجْنِي فَقَالَ زَوَّجْتُكَ أَوْ قَالَ الْوَلِيُّ تَزَوَّجْهَا فَقَالَ تَزَوَّجْتُ صَحَّ. وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَلَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَقَالَ إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا، أَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ. وَلَا تَوْقِيتُهُ. وَلَا نِكَاحُ الشِّغَارِ وَهُوَ زَوَّجْتُكَهَا عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقْبَلُ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْبُضْعَ صَدَاقًا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَلَوْ سَمَّيَا مَالاً مَعَ جَعْلِ الْبُضْعِ صَدَاقًا بَطَلَ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ، وَشَرْطُهُمَا حُرِّيَّةٌ، وَذُكُورَةٌ وَعَدَالَةٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ، وَفِي الْأَعْمَى وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ انْعِقَادُهُ بِابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ وَعَدُوَّيْهِمَا، وَيَنْعَقِدُ بِمَسْتُورِي الْعَدَالَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، لَا مَسْتُورِ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ بَانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْعَقْدِ فَبَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا يَبِينُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ، وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ كُنَّا فَاسِقَيْنِ، وَلَوْ اعْتَرَفَ بِهِ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا فَكُلُّهُ. وَيُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ عَلَى رِضَا الْمَرْأَةِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ.
لَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِإِذْنٍ وَلَا غَيْرَهَا بِوَكَالَةٍ وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ، وَالْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ، لَا الْحَدَّ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَلِيِّ بِالنِّكَاحِ إنْ اسْتَقَلَّ بِالْإِنْشَاءِ، وَإِلَّا فَلَا، وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ بِالنِّكَاحِ عَلَى الْجَدِيدِ. وَلِلْأَبِ تَزْوِيجُ الْبِكْرِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهَا، وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ثَيِّبٍ إلَّا بِإِذْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَمْ تُزَوَّجْ حَتَّى تَبْلُغَ، وَالْجَدُّ كَالْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَسَوَاءٌ زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ، وَلَا أَثَرَ لِزَوَالِهَا بِلَا وَطْءٍ كَسَقْطَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَمَنْ عَلَى حَاشِيَةِ النَّسَبِ كَأَخٍ وَعَمٍّ لَا يُزَوِّجُ صَغِيرَةً بِحَالٍ، وَتُزَوَّجُ الثَّيِّبُ الْبَالِغَةُ بِصَرِيحِ الْإِذْنِ، وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ سُكُوتُهَا فِي الْأَصَحِّ. وَالْمُعْتِقُ. وَالسُّلْطَانُ كَالْأَخِ. وَأَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ أَبٌ ثُمَّ جَدٌّ ثُمَّ أَبُوهُ ثُمَّ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَمٌّ ثُمَّ سَائِرُ الْعَصَبَةِ كَالْإِرْثِ، وَيُقَدَّمُ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ عَلَى أَخٍ لِأَبٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يُزَوِّجُ ابْنٌ بِبُنُوَّةٍ، فَإِنْ كَانَ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ أَوْ مُعْتِقًا أَوْ قَاضِيًا زَوَّجَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَسِيبٌ زَوَّجَ الْمُعْتِقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ، كَالْإِرْثِ، وَيُزَوِّجُ عَتِيقَةَ الْمَرْأَةِ مَنْ يُزَوِّجُ الْمُعْتَقَةَ مَا دَامَتْ حَيَّةً، وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الْمُعْتِقَةِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِذَا مَاتَتْ زَوَّجَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ، فَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتِقُ وَعَصَبَتُهُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ، وَكَذَا يُزَوِّجُ إذَا عَضَلَ الْقَرِيبُ وَالْمُعْتِقُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَضْلُ إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَاقِلَةٌ إلَى كُفْءٍ وَامْتَنَعَ وَلَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَأَرَادَ الْأَبُ غَيْرَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ.
لَا وِلَايَةَ لِرَقِيقٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُخْتَلِّ النَّظَرِ بِهَرَمٍ أَوْ خَبَلٍ، وَكَذَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمَتَى كَانَ الْأَقْرَبُ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَالْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ، وَالْإِغْمَاءُ إنْ كَانَ لَا يَدُومُ غَالِبًا اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ، وَإِنْ كَانَ يَدُومُ أَيَّامًا اُنْتُظِرَ، وَقِيلَ لِلْأَبْعَدِ. وَلَا يَقْدَحُ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ. وَلَا وِلَايَةَ لِفَاسِقٍ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَيَلِي الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ. وَإِحْرَامُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ الزَّوْجَةِ يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ، وَلَا يَنْقُلُ الْوِلَايَةَ فِي الْأَصَحِّ، فَيُزَوِّجُ السُّلْطَانُ عِنْدَ إحْرَامِ الْوَلِيِّ، لَا الْأَبْعَدُ. قُلْت: وَلَوْ أَحْرَمَ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ فَعَقَدَ وَكِيلُهُ الْحَلَالُ لَمْ يَصِحَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ غَابَ الْأَقْرَبُ إلَى مَرْحَلَتَيْنِ زَوَّجَ السُّلْطَانُ، وَدُونَهُمَا لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَلِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ فِي التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ إذْنِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي الْأَظْهَرِ، وَيَحْتَاطُ الْوَكِيلُ فَلَا يُزَوِّجُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَغَيْرُ الْمُجْبِرِ إنْ قَالَتْ لَهُ وَكِّلْ وَكَّلَ، وَإِنْ نَهَتْهُ فَلَا، وَإِنْ قَالَتْ زَوِّجْنِي فَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ وَكَّلَ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلْيَقُلْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُك بِنْتَ فُلَانٍ، وَلْيَقُلْ الْوَلِيُّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا، فَيَقُولُ وَكِيلُهُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ. وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ تَزْوِيجُ مَجْنُونَةٍ بَالِغَةٍ وَمَجْنُونٍ ظَهَرَتْ حَاجَتُهُ، لَا صَغِيرَةٍ وَصَغِيرٍ. وَيَلْزَمُ الْمُجْبِرَ وَغَيْرَهُ إنْ تَعَيَّنَ إجَابَةُ مُلْتَمِسَةِ التَّزْوِيجِ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَإِخْوَةٍ فَسَأَلَتْ بَعْضَهُمْ لَزِمَهُ الْإِجَابَةُ فِي الْأَصَحِّ. وَإِذَا اجْتَمَعَ أَوْلِيَاءُ فِي دَرَجَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَفْقَهُهُمْ وَأَسَنُّهُمْ بِرِضَاهُمْ فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ، فَلَوْ زَوَّجَ غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَقَدْ أَذِنَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ زَيْدًا وَآخَرُ عَمْرًا، فَإِنْ عُرِفَ السَّابِقُ فَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ وَقَعَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّبْقُ وَالْمَعِيَّةُ فَبَاطِلَانِ، وَكَذَا لَوْ عُرِفَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ سَبَقَ مُعَيَّنٌ ثُمَّ اشْتَبَهَ وَجَبَ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ، فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ زَوْجٍ عِلْمَهَا بِسَبْقِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُمَا بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ قَبُولُ إقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ حُلِّفَتْ، وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَسَمَاعُ دَعْوَى الْآخَرِ، وَتَحْلِيفُهَا لَهُ يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قَالَ: هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو هَلْ يَغْرَمُ لِعَمْرٍو إنْ قُلْنَا نَعَمْ، فَنَعَمْ. وَلَوْ تَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدٍ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ ابْنِهِ بِابْنِ ابْنِهِ الْآخَرِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ نَفْسَهُ بَلْ يُزَوِّجُهُ ابْنُ عَمٍّ فِي دَرَجَتِهِ، فَإِنْ فُقِدَ فَالْقَاضِي، فَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي، نِكَاحَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا زَوَّجَهُ مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْوُلَاةِ أَوْ خَلِيفَتُهُ، وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكَّلَ وَكِيلاً فِي أَحَدِهِمَا أَوْ وَكِيلَيْنِ فِيهِمَا فِي الْأَصَحِّ.
زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا أَوْ بَعْضَ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَوِينَ بِرِضَاهَا وَرِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ بِرِضَاهَا فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ، وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ لَمْ يَصِحَّ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ، وَلَهُمْ الْفَسْخُ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ بِكْرًا صَغِيرَةً أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا فَفِي الْأَظْهَرِ بَاطِلٌ، وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ، وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ، وَلِلصَّغِيرَةِ إذَا بَلَغَتْ، وَلَوْ طَلَبَتْ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ: سَلَامَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ وَحُرِّيَّةٌ، فَالرَّقِيقُ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ، وَالْعَتِيقُ لَيْسَ كُفْئًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ، وَنَسَبٌ، فَالْعَجَمِيُّ لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ، وَلَا غَيْرُ قُرَشِيٍّ قُرَشِيَّةً، وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ لَهُمَا، وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ، وَعِفَّةٌ فَلَيْسَ فَاسِقٌ كُفْءَ عَفِيفَةٍ، وَحِرْفَةٌ فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ، لَيْسَ كُفْءَ أَرْفَعَ مِنْهُ، فَكَنَّاسٌ وَحَجَّامٌ وَحَارِسٌ وَرَاعٍ وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ لَيْسَ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ، وَلَا خَيَّاطٌ بِنْتَ تَاجِرٍ أَوْ بَزَّازٍ، وَلَا هُمَا بِنْتَ عَالِمٍ وَقَاضٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْيَسَارَ لَا يُعْتَبَرُ، وَأَنَّ بَعْضَ الْخِصَالِ لَا يُقَابَلُ بِبَعْضٍ، وَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمَةً، وَكَذَا مَعِيبَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَجُوزُ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ بِبَاقِي الْخِصَالِ فِي الْأَصَحِّ.
لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ صَغِيرٌ. وَكَذَا كَبِيرٌ إلَّا لِحَاجَةٍ فَوَاحِدَةً، وَلَهُ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ عَاقِلٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَيُزَوِّجُ الْمَجْنُونَةَ أَبٌ أَوْ جَدٌّ إنْ ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ وَسَوَاءٌ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ ثَيِّبٌ وَبِكْرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَجَدٌّ لَمْ تُزَوَّجْ فِي صِغَرِهَا، فَإِنْ بَلَغَتْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ فِي الْأَصَحِّ لِلْحَاجَةِ، لَا لِمَصْلَحَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَعَيَّنَ امْرَأَةً لَمْ يَنْكِحْ غَيْرَهَا، وَيَنْكِحْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَلَوْ قَالَ انْكِحْ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ امْرَأَةً نَكَحَ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَلْفٍ وَمَهْرِ مِثْلِهَا، وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ فَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ، وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَنْ تَلِيقُ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ اُشْتُرِطَ إذْنُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَقْبَلُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ. وَلَوْ نَكَحَ السَّفِيهُ بِلَا إذْنٍ فَبَاطِلٌ، فَإِنْ وَطِئَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَقِيلَ مَهْرُ مِثْلٍ، وَقِيلَ أَقَلُّ مُتَمَوَّلٍ. وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ يَصِحُّ نِكَاحُهُ، وَمُؤَنُ النِّكَاحِ فِي كَسْبِهِ، لَا فِيمَا مَعَهُ. وَنِكَاحُ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ بَاطِلٌ، وَبِإِذْنِهِ صَحِيحٌ، وَلَهُ إطْلَاقُ الْإِذْنِ، وَلَهُ تَقْيِيدُهُ بِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ بَلَدٍ، وَلَا يَعْدِلُ عَمَّا أَذِنَ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إجْبَارُ عَبْدِهِ عَلَى النِّكَاحِ وَلَا عَكْسُهُ، وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ، فَإِنْ طَلَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا، وَقِيلَ إنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، وَإِذَا زَوَّجَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ فَيُزَوِّجُ مُسْلِمٌ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ وَفَاسِقٌ وَمُكَاتَبٌ، وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ عَبْدًا صَبِيًّا وَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ فِي الْأَصَحِّ.
تَحْرُمُ الْأُمَّهَاتُ، وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَكَ فَهِيَ أُمُّك، وَالْبَنَاتُ، وَكُلُّ مَنْ وَلَدْتَهَا أَوْ وَلَدْتَ مَنْ وَلَدَهَا فَبِنْتُك. قُلْت: وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَدُهَا مِنْ زِنًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْأَخَوَاتُ وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَالْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ، وَكُلُّ مَنْ هِيَ أُخْتُ ذَكَرٍ وَلَدَكَ فَعَمَّتُك، أَوْ أُخْتُ أُنْثَى وَلَدَتْك فَخَالَتُك. وَيَحْرُمُ هَؤُلَاءِ السَّبْعُ بِالرَّضَاعِ أَيْضًا، وَكُلُّ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ أَرْضَعَتْك أَوْ مَنْ وَلَدَكَ أَوْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتَك أَوْ ذَا لَبَنِهَا فَأُمُّ رَضَاعٍ، وَقِسْ الْبَاقِي وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْك مَنْ أَرْضَعَتْ أَخَاك وَنَافِلَتَك، وَلَا أُمُّ مُرْضِعَةِ وَلَدِك وَبِنْتُهَا وَلَا أُخْتُ أَخِيك: مِنْ نَسَبٍ وَلَا رَضَاعٍ وَهِيَ أُخْتُ أَخِيك لِأَبِيك لِأُمِّهِ وَعَكْسُهُ، وَتَحْرُمُ زَوْجَةُ مَنْ وَلَدْتَ أَوْ وَلَدَكَ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ وَأُمَّهَاتُ زَوْجَتِك مِنْهُمَا وَكَذَا بَنَاتُهَا إنْ دَخَلْتَ بِهَا، وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِمِلْكٍ حَرُمَ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا وَبَنَاتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ، وَكَذَا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ فِي حَقِّهِ، قِيلَ أَوْ لَا حَقِّهَا، الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَلَيْسَتْ مُبَاشَرَةً بِشَهْوَةٍ كَوَطْءٍ فِي الْأَظْهَرِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمٌ بِنِسْوَةِ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ نَكَحَ مِنْهُنَّ، لَا بِمَحْصُورَاتٍ، وَلَوْ طَرَأَ مُؤَبَّدُ تَحْرِيمٍ عَلَى نِكَاحٍ قَطَعَهُ كَوَطْءِ زَوْجَةَ ابْنِهِ بِشُبْهَةٍ. وَيَحْرُمُ جَمْعُ الْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ فَإِنْ جَمَعَ بِعَقْدٍ بَطَلَ، أَوْ مُرَتَّبًا فَالثَّانِي وَمَنْ حَرُمَ جَمْعُهُمَا بِنِكَاحٍ حَرُمَ فِي الْوَطْءِ بِمِلْكٍ، لَا مِلْكُهُمَا فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً حَرُمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى كَبَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ كِتَابَةٍ لَا حَيْضٍ وَإِحْرَامٍ، وَكَذَا رَهْنٌ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ مَلَكَهَا ثُمَّ نَكَحَ أُخْتَهَا أَوْ عَكَسَ حَلَّتْ الْمَنْكُوحَةُ دُونَهَا. وَلِلْعَبْدِ امْرَأَتَانِ. وَلِلْحُرِّ أَرْبَعٌ فَقَطْ، فَإِنْ نَكَحَ خَمْسًا مَعًا بَطَلْنَ أَوْ مُرَتَّبًا فَالْخَامِسَةُ. وَتَحِلُّ الْأُخْتُ، وَالْخَامِسَةُ فِي عِدَّةِ بَائِنٍ لَا رَجْعِيَّةٍ. وَإِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ ثَلَاثًا أَوْ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ، وَتَغِيبَ بِقُبُلِهَا حَشَفَتُهُ أَوْ قَدْرُهَا، بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ، وَصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَكَوْنِهِ مِمَّنْ يُمْكِنُ جِمَاعُهُ لَا طِفْلاً عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِنَّ، وَلَوْ نَكَحَ بِشَرْطِ إذَا وَطِئَ طَلَّقَ أَوْ بَانَتْ أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَطَلَ، وَفِي التَّطْلِيقِ قَوْلٌ.
لَا يَنْكِحُ مَنْ يَمْلِكُهَا أَوْ بَعْضَهَا، وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ أَوْ بَعْضَهَا بَطَلَ نِكَاحُهُ، وَلَا تَنْكِحُ مَنْ تَمْلِكُهُ أَوْ بَعْضَهُ. وَلَا الْحُرُّ أَمَةَ غَيْرِهِ إلَّا بِشُرُوطٍ: أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ، قِيلَ وَلَا غَيْرُ صَالِحَةٍ، وَأَنْ يَعْجِزَ عَنْ حُرَّةٍ تَصْلُحُ، قِيلَ أَوْ لَا تَصْلُحُ، فَلَوْ قَدَرَ عَلَى غَائِبَةٍ حَلَّتْ لَهُ أَمَةٌ إنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتَهُ، وَلَوْ وَجَدَ حُرَّةً بِمُؤَجَّلٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالْأَصَحُّ حِلُّ أَمَةٍ فِي الْأُولَى، دُونَ الثَّانِيَةِ، وَأَنْ يَخَافَ زِنًا، فَلَوْ أَمْكَنَهُ تَسَرٍّ فَلَا خَوْفَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِسْلَامُهَا وَتَحِلُّ لِحُرٍّ وَعَبْدٍ كِتَابِيَّيْنِ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، لَا لِعَبْدٍ مُسْلِمٍ فِي الْمَشْهُورِ، وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَرَقِيقَةٍ. وَلَوْ نَكَحَ حُرٌّ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَيْسَرَ أَوْ نَكَحَ حُرَّةً لَمْ تَنْفَسِخْ الْأَمَةُ، وَلَوْ جَمَعَ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ حُرَّةً وَأَمَةً بِعَقْدٍ بَطَلَتْ الْأَمَةُ، لَا الْحُرَّةُ فِي الْأَظْهَرِ.
يَحْرُمُ نِكَاحُ مَنْ لَا كتاب لَهَا كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ. وَتَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ لَكِنْ تُكْرَهُ حَرْبِيَّةٌ وَكَذَا ذِمِّيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِالزَّبُورِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْكِتَابِيَّةُ إسْرَائِيلِيَّةً فَالْأَظْهَرُ حِلُّهَا إنْ عُلِمَ دُخُولُ قَوْمِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ وَتَحْرِيفِهِ، وَقِيلَ يَكْفِي قَبْلَ نَسْخِهِ. وَالْكِتَابِيَّةُ الْمَنْكُوحَةُ كَمُسْلِمَةٍ فِي نَفَقَةٍ وَقَسْمٍ وَطَلَاقٍ، وَتُجْبَرُ عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَكَذَا جَنَابَةٌ، وَتَرْكِ أَكْلِ خِنْزِيرٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَتُجْبَرُ هِيَ وَمُسْلِمَةٌ عَلَى غَسْلِ مَا نَجُسَ مِنْ أَعْضَائِهَا. وَتَحْرُمُ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ وَثَنِيٍّ وَكِتَابِيَّةٍ، وَكَذَا عَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ خَالَفَتْ السَّامِرَةُ الْيَهُودَ وَالصَّابِئُونَ النَّصَارَى فِي أَصْلِ دِينِهِمْ حَرُمْنَ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يُقَرَّ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً لَمْ تَحِلَّ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَتْ مَنْكُوحَتَهُ فَكَرِدَّةِ مُسْلِمَةٍ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ، وَفِي قَوْلٍ أَوْ دِينُهُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ تَوَثَّنَ لَمْ يُقَرَّ، وَفِيمَا يُقْبَلُ الْقَوْلَانِ، وَلَوْ تَهَوَّدَ وَثَنِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ لَمْ يُقَرَّ، وَيَتَعَيَّنُ الْإِسْلَامُ كَمُسْلِمٍ ارْتَدَّ. وَلَا تَحِلُّ مُرْتَدَّةٌ لِأَحَدٍ، وَلَوْ ارْتَدَّ زَوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ، أَوْ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ الرِّدَّةِ، وُقِفَتْ، فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ دَامَ النِّكَاحُ، وَيَحْرُمُ الْوَطْءُ فِي التَّوَقُّفِ وَلَا حَدَّ.
أَسْلَمَ كِتَابِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ وَتَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ دَامَ نِكَاحُهُ أَوْ وَثَنِيَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ فَتَخَلَّفَتْ قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ، أَوْ بَعْدَهُ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ دَامَ نِكَاحُهُ، وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ إسْلَامِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَأَصَرَّ فَكَعَكْسِهِ. وَلَوْ أَسْلَمَا مَعًا دَامَ النِّكَاحُ، وَالْمَعِيَّةُ بِآخِرِ اللَّفْظِ. وَحَيْثُ أَدَمْنَا لَا تَضُرُّ مُقَارَنَةُ الْعَقْدِ لِمُفْسِدٍ هُوَ زَائِلٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الْآنَ، وَإِنْ بَقِيَ الْمُفْسِدُ فَلَا نِكَاحَ فَيُقَرُّ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَفِي عِدَّةٍ هِيَ مُنْقَضِيَةٌ عِنْدَ الْإِسْلَامِ، وَمُؤَقَّتٍ، إنْ اعْتَقَدُوهُ مُؤَبَّدًا، وَكَذَا لَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ عِدَّةُ شُبْهَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا نِكَاحُ مَحْرَمٍ. وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مُحْرِمٌ أُقِرَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ نَكَحَ حُرَّةً وَأَمَةً وَأَسْلَمُوا تَعَيَّنَتْ الْحُرَّةُ وَانْدَفَعَتْ الْأَمَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَنِكَاحُ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ فَاسِدٌ، وَقِيلَ إنْ أَسْلَمَ وَقُرِّرَ تَبَيَّنَّا صِحَّتَهُ، وَإِلَّا فَلَا. فَعَلَى الصَّحِيحِ لَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَحِلَّ بِمُحَلِّلٍ. وَمَنْ قُرِّرَتْ فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ. وَأَمَّا الْفَاسِدُ كَخَمْرٍ، فَإِنْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِلَّا فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ. وَمَنْ انْدَفَعَتْ بِإِسْلَامٍ بَعْدَ دُخُولٍ فَلَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ إنْ صُحِّحَ نِكَاحُهُمْ، وَإِلَّا فَمَهْرُ مِثْلٍ أَوْ قَبْلَهُ وَصُحِّحَ، فَإِنْ كَانَ الِانْدِفَاعُ بِإِسْلَامِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَبِإِسْلَامِهِ فَنِصْفُ مُسَمًّى إنْ كَانَ صَحِيحًا، وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ. وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا ذِمِّيٌّ وَمُسْلِمٌ وَجَبَ الْحُكْمُ، أَوْ ذِمِّيَّانِ وَجَبَ فِي الْأَظْهَرِ، وَنُقِرُّهُمْ عَلَى مَا نُقِرُّ لَوْ أَسْلَمُوا، وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقِرُّ.
أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ لَزِمَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ، وَيَنْدَفِعُ مَنْ زَادَ، وَإِنْ أَسْلَمَ مَعَهُ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَرْبَعٌ فَقَطْ تَعَيَّنَ. وَلَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُمٌّ وَبِنْتُهَا كِتَابِيَّتَانِ أَوْ أَسْلَمَتَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا حَرُمَتَا أَبَدًا، أَوْ لَا بِوَاحِدَةٍ تَعَيَّنَتْ الْبِنْتُ، وَفِي قَوْلٍ يَتَخَيَّرُ، أَوْ بِالْبِنْتِ تَعَيَّنَتْ، أَوْ بِالْأُمِّ حَرُمَتَا أَبَدًا، وَفِي قَوْلٍ تَبْقَى الْأُمُّ. أَوْ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ أَسْلَمَتْ مَعَهُ، أَوْ فِي الْعِدَّةِ أُقِرَّ إنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ، وَإِنْ تَخَلَّفَتْ قَبْلَ دُخُولٍ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ، أَوْ إمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ أَمَةً إنْ حَلَّتْ لَهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ، وَإِلَّا انْدَفَعْنَ. أَوْ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ تَعَيَّنَتْ وَانْدَفَعْنَ، وَإِنْ أَصَرَّتْ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا اخْتَارَ أَمَةً، وَلَوْ أَسْلَمَتْ وَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَكَحَرَائِرَ فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا. وَالِاخْتِيَارُ اخْتَرْتُكِ أَوْ قَرَّرْتُ نِكَاحَكِ أَوْ أَمْسَكْتُكِ أَوْ ثَبَّتُّكِ، وَالطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ، لَا الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ اخْتِيَارٍ وَلَا فَسْخٍ. وَلَوْ حَصَرَ الِاخْتِيَارَ فِي خَمْسٍ انْدَفَعَ مَنْ زَادَ، وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ وَنَفَقَتُهُنَّ حَتَّى يَخْتَارَ، فَإِنْ تَرَكَ الِاخْتِيَارَ فِي النِّكَاحِ حُبِسَ. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ اعْتَدَّتْ حَامِلٌ بِهِ، وَذَاتُ أَشْهُرٍ وَغَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَذَاتُ أَقْرَاءٍ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْأَقْرَاءِ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَيُوقَفُ نَصِيبُ زَوْجَاتٍ حَتَّى يَصْطَلِحْنَ.
أَسْلَمَا مَعًا اسْتَمَرَّتْ النَّفَقَةُ. وَلَوْ أَسْلَمَ وَأَصَرَّتْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا لَمْ تَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ فِي الْجَدِيدِ. وَلَوْ أَسْلَمَتْ أَوَّلاً فَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أَصَرَّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنْ ارْتَدَّتْ فَلَا نَفَقَةَ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ ارْتَدَّ فَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ.
وَجَدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِالْآخَرِ جُنُونًا أَوْ جُذَامًا أَوْ بَرَصًا، أَوْ وَجَدَهَا رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ. أَوْ وَجَدَتْهُ عِنِّينًا أَوْ مَجْنُونًا ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ. وَقِيلَ إنْ وَجَدَ بِهِ مِثْلَ عَيْبِهِ فَلَا. وَلَوْ وَجَدَهُ خُنْثَى وَاضِحًا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ. وَلَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ تَخَيَّرَتْ إلَّا عُنَّةً بَعْدَ دُخُولٍ، أَوْ بِهَا تَخَيَّرَ فِي الْجَدِيدِ. وَلَا خِيَارَ لِوَلِيٍّ بِحَادِثٍ، وَكَذَا بِمُقَارِنِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ، وَيَتَخَيَّرُ بِمُقَارِنِ جُنُونٍ، وَكَذَا جُذَامٌ وَبَرَصٌ فِي الْأَصَحِّ. وَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْفَسْخُ قَبْلَ دُخُولٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَبَعْدَهُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ إنْ فُسِخَ بِمُقَارِنٍ أَوْ بِحَادِثٍ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ جَهِلَهُ الْوَاطِئُ، وَالْمُسَمَّى إنْ حَدَثَ بَعْدَ وَطْءٍ. وَلَوْ انْفَسَخَ بِرِدَّةٍ بَعْدَ وَطْءٍ فَالْمُسَمَّى. وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ فِي الْجَدِيدِ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْعُنَّةِ رَفْعٌ إلَى حَاكِمٍ، وَكَذَا سَائِرُ الْعُيُوبِ فِي الْأَصَحِّ، وَتَثْبُتُ الْعُنَّةُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ، وَكَذَا بِيَمِينِهَا بَعْدَ نُكُولِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِذَا ثَبَتَتْ ضَرَبَ الْقَاضِي لَهُ سَنَةً، بِطَلَبِهَا، فَإِذَا تَمَّتْ رَفَعَتْهُ إلَيْهِ فَإِنْ قَالَ وَطِئْتُ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حُلِّفَتْ فَإِنْ حَلَفَتْ أَوْ أَقَرَّ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ، وَقِيلَ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي أَوْ فَسْخِهِ، وَلَوْ اعْتَزَلَتْهُ أَوْ مَرِضَتْ أَوْ حُبِسَتْ فِي الْمُدَّةِ لَمْ تُحْسَبْ، وَلَوْ رَضِيَتْ بَعْدَهَا بِهِ بَطَلَ حَقُّهَا، وَكَذَا لَوْ أَجَّلَتْهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ نَكَحَ وَشُرِطَ فِيهَا إسْلَامٌ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا نَسَبٌ أَوْ حُرِّيَّةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا، فَأُخْلِفَ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ، ثُمَّ إنْ بَانَ خَيْرًا مِمَّا شُرِطَ فَلَا خِيَارَ، وَإِنْ بَانَ دُونَهُ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَكَذَا لَهُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً أَوْ حُرَّةً فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ فَلَا خِيَارَ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا بِمَنْ ظَنَّتْهُ كُفْئًا فَبَانَ فِسْقُهُ أَوْ دَنَاءَةُ نَسَبِهِ وَحِرْفَتِهِ فَلَا خِيَارَ لَهَا. قُلْتُ: وَلَوْ بَانَ مَعِيبًا أَوْ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَتَى فُسِخَ بِخُلْفٍ فَحُكْمُ الْمَهْرِ وَالرُّجُوعِ بِهِ عَلَى الْغَارِّ مَا سَبَقَ فِي الْعَيْبِ، وَالْمُؤَثِّرُ تَغْرِيرٌ قَارَنَ الْعَقْدَ، وَلَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ وَصَحَّحْنَاهُ فَالْوَلَدُ قَبْلَ الْعِلْمِ حُرٌّ، وَعَلَى الْمَغْرُورِ، قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهَا وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَارِّ، وَالتَّغْرِيرُ بِالْحُرِّيَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ سَيِّدِهَا بَلْ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْهَا تَعَلَّقَ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهَا، وَلَوْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ. وَمَنْ عَتَقَتْ تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ تَخَيَّرَتْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ قَالَتْ جَهِلْت الْعِتْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إنْ أَمْكَنَ: بِأَنْ كَانَ الْمُعْتِقُ غَائِبًا، وَكَذَا إنْ قَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ بِهِ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلَ وَطْءٍ فَلَا مَهْرَ، وَبَعْدَهُ بِعِتْقٍ بَعْدَهُ وَجَبَ الْمُسَمَّى، أَوْ قَبْلَهُ فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَقِيلَ الْمُسَمَّى، وَلَوْ عَتَقَ بَعْضُهَا أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عَتَقَ عَبْدٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَلَا خِيَارَ.
يَلْزَمُ الْوَلَدَ إعْفَافُ الْأَبِ وَالْأَجْدَادِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ يُعْطِيَهُ مَهْرَ حُرَّةٍ، أَوْ يَقُولَ انْكِحْ وَأُعْطِيَكَ الْمَهْرَ، أَوْ يَنْكِحَ لَهُ بِإِذْنِهِ وَيُمْهِرَ أَوْ يُمَلِّكَهُ أَمَةً أَوْ ثَمَنَهَا ثُمَّ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُمَا. وَلَيْسَ لِلْأَبِ تَعْيِينُ النِّكَاحِ دُونَ التَّسَرِّي وَلَا رَفِيعَةٍ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى مَهْرٍ فَتَعْيِينُهَا لِلْأَبِ. وَيَجِبُ التَّجْدِيدُ إذَا مَاتَتْ أَوْ انْفَسَخَ بِرِدَّةٍ أَوْ فَسَخَهُ بِعَيْبٍ، وَكَذَا إنْ طَلَّقَ بِعُذْرٍ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنَّمَا يَجِبُ إعْفَافُ فَاقِدِ مَهْرٍ مُحْتَاجٍ إلَى نِكَاحٍ وَيُصَدَّقُ إذَا ظَهَرَتْ الْحَاجَةُ بِلَا يَمِينٍ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَهْرٍ لَا حَدٍّ، فَإِنْ أَحْبَلَ فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ، فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ، وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَصِيرُ، وَأَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا مَعَ مَهْرٍ، لَا قِيمَةَ وَلَدٍ فِي الْأَصَحِّ. وَيَحْرُمُ نِكَاحُهَا، فَلَوْ مَلَكَ زَوْجَةَ وَالِدِهِ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ الْأَمَةُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَيْسَ لَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ مُكَاتَبَةٍ، فَإِنْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فِي الْأَصَحِّ.
السَّيِّدُ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ. لَا يَضْمَنُ مَهْرًا وَنَفَقَةً فِي الْجَدِيدِ، وَهُمَا فِي كَسْبِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ الْمُعْتَادِ وَالنَّادِرِ، فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي تِجَارَةٍ فَفِيمَا بِيَدِهِ مِنْ رِبْحٍ وَكَذَا رَأْسُ مَالٍ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا وَلَا مَأْذُونًا لَهُ فَفِي ذِمَّتِهِ، وَفِي قَوْلٍ عَلَى السَّيِّدِ. وَلَهُ الْمُسَافَرَةُ بِهِ وَيَفُوتُ الِاسْتِمْتَاعُ، وَإِذَا لَمْ يُسَافِرْ لَزِمَهُ تَخْلِيَتُهُ لَيْلاً لِلِاسْتِمْتَاعِ. وَيَسْتَخْدِمُهُ نَهَارًا إنْ تَكَفَّلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَإِلَّا فَيُخْلِيهِ لِكَسْبِهِمَا وَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ بِلَا تَكَفُّلٍ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ وَكُلِّ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ. وَلَوْ نَكَحَ فَاسِدًا وَوَطِئَ فَمَهْرُ مِثْلٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَفِي قَوْلٍ فِي رَقَبَتِهِ. وَإِذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ اسْتَخْدَمَهَا نَهَارًا وَسَلَّمَهَا لِلزَّوْجِ لَيْلاً، وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الزَّوْجِ حِينَئِذٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَخْلَى فِي دَارِهِ بَيْتًا وَقَالَ لِلزَّوْجِ تَخْلُو بِهَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِهَا وَلِلزَّوْجِ صُحْبَتُهَا. وَالْمَذْهَبُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ قَتَلَهَا أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ دُخُولٍ سَقَطَ مَهْرُهَا، وَأَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا، أَوْ قَتَلَ الْأَمَةَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ مَاتَتْ فَلَا، كَمَا لَوْ هَلَكَتَا بَعْدَ دُخُولٍ. وَلَوْ بَاعَ مُزَوَّجَةً فَالْمَهْرُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ دُخُولٍ فَنِصْفُهُ لَهُ. وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ.
يُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ، وَيَجُوزُ إخْلَاؤُهُ مِنْهُ. وَمَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّ صَدَاقًا. وَإِذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا ضَمَانَ عَقْدٍ، وَفِي قَوْلٍ ضَمَانَ يَدٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهَا بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ. وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ فَقَابِضَةٌ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ فَسَخَتْ الصَّدَاقَ أَخَذَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَهْرَ مِثْلٍ وَإِلَّا غَرَّمَتْ الْمُتْلِفَ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ الزَّوْجُ، فَكَتَلَفِهِ وَقِيلَ كَأَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ أَصْدَقَ عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ فِيهِ لَا فِي الْبَاقِي عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَإِلَّا فَحِصَّةُ التَّالِفِ مِنْهُ. وَلَوْ تَغَيَّبَ قَبْلَ قَبْضِهِ تَخَيَّرَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَالْمَنَافِعُ الْفَائِتَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَا يَضْمَنُهَا، وَإِنْ طَلَبَتْ التَّسْلِيمَ فَامْتَنَعَ ضَمِنَ ضَمَانَ الْعَقْدِ، وَكَذَا الَّتِي اسْتَوْفَاهَا بِرُكُوبٍ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَقْبِضَ الْمَهْرَ الْمُعَيَّنَ وَالْحَالَّ لَا الْمُؤَجَّلَ، فَلَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ كُلٌّ لَا أُسَلِّمُ حَتَّى تُسَلِّمَ فَفِي قَوْلٍ يُجْبَرُ هُوَ وَفِي قَوْلٍ لَا إجْبَارَ، فَمَنْ سَلَّمَ أُجْبِرَ صَاحِبُهُ، وَالْأَظْهَرُ يُجْبَرَانِ فَيُؤْمَرُ بِوَضْعِهِ عِنْدَ عَدْلٍ، وَتُؤْمَرُ بِالتَّمْكِينِ فَإِذَا سَلَّمَتْ أَعْطَاهَا الْعَدْلُ الْمَهْرَ. وَلَوْ بَادَرَتْ فَمَكَّنَتْ طَالَبَتْهُ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْ امْتَنَعَتْ حَتَّى يُسَلِّمَ، وَإِنْ وَطِئَ فَلَا. وَلَوْ بَادَرَ فَسَلَّمَ فَلْتُمَكِّنْ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ بِلَا عُذْرٍ اسْتَرَدَّ إنْ قُلْنَا إنَّهُ يُجْبَرُ. وَلَوْ اُسْتُمْهِلَتْ لِتَنَظُّفٍ وَنَحْوِهِ أُمْهِلَتْ مَا يَرَاهُ قَاضٍ، وَلَا يُجَاوِزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا لِيَنْقَطِعَ حَيْضٌ. وَلَا تُسَلَّمُ صَغِيرَةٌ وَلَا مَرِيضَةٌ حَتَّى يَزُولَ مَانِعُ وَطْءٍ. وَيَسْتَقِرُّ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ، وَإِنْ حَرُمَ كَحَائِضٍ. وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ.
نَكَحَهَا بِخَمْرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَغْصُوبٍ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ أَوْ بِمَمْلُوكٍ وَمَغْصُوبٍ بَطَلَ فِيهِ، وَصَحَّ فِي الْمَمْلُوكِ فِي الْأَظْهَرِ وَتَتَخَيَّرُ، فَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُمَا، وَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهَا مَعَ الْمَمْلُوكِ حِصَّةُ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ بِحَسَبِ قِيمَتِهِمَا، وَفِي قَوْلٍ تَقْنَعُ بِهِ. وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي وَبِعْتُك ثَوْبَهَا بِهَذَا الْعَبْدِ صَحَّ النِّكَاحُ وَكَذَا الْمَهْرُ وَالْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الثَّوْبِ وَمَهْرِ مِثْلٍ. وَلَوْ نَكَحَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَوْ أَنْ يُعْطِيَهُ أَلْفًا فَالْمَذْهَبُ فَسَادُ الصَّدَاقِ وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَلَوْ شَرَطَ خِيَارًا فِي النِّكَاحِ بَطَلَ النِّكَاحُ، أَوْ فِي الْمَهْرِ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ لَا الْمَهْرِ، وَسَائِرُ الشُّرُوطِ إنْ وَافَقَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ أَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ لَغَا، وَصَحَّ النِّكَاحُ وَالْمَهْرُ. وَإِنْ خَالَفَ وَلَمْ يُخِلَّ بِمَقْصُودِهِ الْأَصْلِيِّ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَفَسَدَ الشَّرْطُ، وَالْمَهْرُ. وَإِنْ أَخَلَّ كَأَنْ لَا يَطَأَ أَوْ يُطَلِّقَ بَطَلَ النِّكَاحُ. وَلَوْ نَكَحَ نِسْوَةً بِمَهْرٍ فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الْمَهْرِ، وَلِكُلٍّ مَهْرُ مِثْلٍ. وَلَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ مِثْلٍ أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى، وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ مِثْلٍ. وَلَوْ تَوَافَقُوا عَلَى مَهْرٍ كَانَ سِرًّا وَأَعْلَنُوا زِيَادَةً فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَا عُقِدَ بِهِ. وَلَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي بِأَلْفٍ فَنَقَصَ عَنْهُ بَطَلَ النِّكَاحُ، فَلَوْ أَطْلَقَتْ فَنَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ بَطَلَ، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ بِمَهْرِ مِثْلٍ. قُلْت: الْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي الصُّورَتَيْنِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَتْ رَشِيدَةٌ: زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ، فَزَوَّجَ وَنَفَى الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ فَهُوَ تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ. وَكَذَا لَوْ قَالَ سَيِّدُ أَمَةٍ زَوَّجْتُكَهَا بِلَا مَهْرٍ، وَلَا يَصِحُّ تَفْوِيضُ غَيْرِ رَشِيدَةٍ. وَإِذَا جَرَى تَفْوِيضٌ صَحِيحٌ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِنَفْسِ الْعَقْدِ. فَإِنْ وَطِئَ فَمَهْرُ مِثْلٍ. وَيُعْتَبَرُ بِحَالِ الْعَقْدِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِأَنْ يَفْرِضَ مَهْرًا، وَحَبْسُ نَفْسِهَا لِيَفْرِضَ، وَكَذَا لِتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ فِي الْأَصَحِّ، وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ. لَا عِلْمُهُمَا بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأَظْهَرِ. وَيَجُوزُ فَرْضٌ مُؤَجَّلٌ فِي الْأَصَحِّ. وَفَوْقَ مَهْرِ مِثْلٍ، وَقِيلَ لَا إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ. وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْفَرْضِ أَوْ تَنَازَعَا فِيهِ فَرَضَ الْقَاضِي نَقْدَ الْبَلَدِ حَالًّا. قُلْت: وَيُفْرَضُ مَهْرُ مِثْلٍ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ مِنْ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَالْفَرْضُ الصَّحِيحُ كَمُسَمًّى فَيَتَشَطَّرُ بِطَلَاقٍ قَبْلَ وَطْءٍ، وَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ فَرْضٍ وَوَطْءٍ فَلَا شَطْرَ. وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُمَا لَمْ يَجِبْ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَظْهَرِ. قُلْت: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَهْرُ الْمِثْلِ: مَا يُرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا، وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نَسَبٌ، فَيُرَاعَى أَقْرَبُ مَنْ تُنْسَبُ إلَى مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ وَأَقْرَبُهُنَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ، فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ أَوْ لَمْ يُنْكَحْنَ أَوْ جُهِلَ مَهْرُهُنَّ فَأَرْحَامٌ كَجَدَّاتٍ وَخَالَاتٍ، وَيُعْتَبَرُ سِنٌّ وَعَقْلٌ وَيَسَارٌ وَبَكَارَةٌ وَثُيُوبَةٌ وَمَا اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ، فَإِنْ اخْتَصَّتْ بِفَضْلٍ أَوْ نَقْصٍ زِيدَ أَوْ نُقِصَ لَائِقٌ فِي الْحَالِ، وَلَوْ سَامَحَتْ وَاحِدَةٌ لَمْ تَجِبْ مُوَافَقَتُهَا، وَلَوْ خَفَضْنَ لِلْعَشِيرَةِ فَقَطْ اُعْتُبِرَ. وَفِي وَطْءِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَهْرُ مِثْلٍ يَوْمَ الْوَطْءِ، فَإِنْ تَكَرَّرَ فَمَهْرٌ فِي أَعْلَى الْأَحْوَالِ. قُلْت: وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ وَاحِدَةٍ فَمَهْرٌ، فَإِنْ تَعَدَّدَ جِنْسُهَا تَعَدَّدَ الْمَهْرُ. وَلَوْ كَرَّرَ وَطْءَ مَغْصُوبَةٍ أَوْ مُكْرَهَةً عَلَى زِنًا تَكَرَّرَ الْمَهْرُ. وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءُ الْأَبِ وَالشَّرِيكِ وَسَيِّدٍ مُكَاتَبَةً فَمَهْرٌ، وَقِيلَ مُهُورٌ، وَقِيلَ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَمَهْرٌ، وَإِلَّا فَمُهُورٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا، كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا تُسْقِطُ الْمَهْرَ. وَمَا لَا كَطَلَاقٍ وَإِسْلَامِهِ وَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ وَإِرْضَاعِ أُمِّهِ أَوْ أُمِّهَا يُشَطِّرُهُ. ثُمَّ قِيلَ: مَعْنَى التَّشْطِيرِ أَنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّجُوعِ، وَالصَّحِيحُ عَوْدُهُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ، فَلَوْ زَادَ بَعْدَهُ فَلَهُ. وَإِنْ طَلَّقَ وَالْمَهْرُ تَالِفٌ فَنِصْفُ بَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ. وَإِنْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهَا، فَإِنْ قَنِعَ بِهِ وَإِلَّا فَنِصْفُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا، وَإِنْ تَعَيَّبَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَلَهُ نِصْفُهُ نَاقِصًا بِلَا خِيَارٍ، فَإِنْ عَابَ بِجِنَايَةٍ وَأَخَذَتْ أَرْشَهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نِصْفَ الْأَرْشِ. وَلَهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ، وَلَهَا خِيَارٌ فِي مُتَّصِلَةٍ، فَإِنْ شَحَّتْ فَنِصْفُ قِيمَةٍ بِلَا زِيَادَةٍ، وَإِنْ سَمَحَتْ لَزِمَهُ الْقَبُولُ. وَإِنْ زَادَ وَنَقَصَ كَكِبَرِ عَبْدٍ وَطُولِ نَخْلَةٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ مَعَ بَرَصٍ، فَإِنْ اتَّفَقَا بِنِصْفِ الْعَيْنِ، وَإِلَّا فَنِصْفُ قِيمَةٍ، وَزِرَاعَةُ الْأَرْضِ نَقْصٌ، وَحَرْثُهَا زِيَادَةٌ، وَحَمْلُ أَمَةٍ وَبَهِيمَةٍ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ. وَقِيلَ: الْبَهِيمَةُ زِيَادَةٌ، وَإِطْلَاعُ نَخْلٍ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ. وَإِنْ طَلَّقَ وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ مُؤَبَّرٌ لَمْ يَلْزَمْهَا قَطْفُهُ، فَإِنْ قَطَفَتْ تَعَيَّنَ نِصْفُ النَّخْلِ، وَلَوْ رَضِيَ بِنِصْفِ النَّخْلِ وَتَبْقِيَةِ الثَّمَرِ إلَى جِدَادِهِ أُجْبِرَتْ فِي الْأَصَحِّ، وَيَصِيرُ النَّخْلُ فِي يَدِهَا، وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ وَالْقِيمَةُ. وَمَتَى ثَبَتَ خِيَارٌ لَهُ أَوْ لَهَا لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذُو الِاخْتِيَارِ. وَمَتَى رَجَعَ بِقِيمَةٍ اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ مِنْ يَوْمَيْ الْإِصْدَاقِ وَالْقَبْضِ. وَلَوْ أَصْدَقَ تَعْلِيمَ قُرْآنٍ وَطَلَّقَ قَبْلَهُ، فَالْأَصَحُّ تَعَذُّرُ تَعْلِيمِهِ. وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ بَعْدَ وَطْءٍ، وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ. وَلَوْ طَلَّقَ وَقَدْ زَالَ مِلْكُهَا عَنْهُ فَنِصْفُ بَدَلِهِ. فَإِنْ كَانَ زَالَ وَعَادَ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلَّقَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ نِصْفَ بَدَلِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ وَهَبَتْهُ النِّصْفَ فَلَهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ، وَفِي قَوْلٍ النِّصْفُ الْبَاقِي وَفِي قَوْلٍ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ بَدَلِ نِصْفِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِ الْبَاقِي وَرُبُعِ بَدَلِ كُلِّهِ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ عَفْوٌ عَنْ صَدَاقٍ عَلَى الْجَدِيدِ.
لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءٍ مُتْعَةٌ، إنْ لَمْ يَجِبْ شَطْرُ مَهْرٍ وَكَذَا لِمَوْطُوءَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَفُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا كَطَلَاقٍ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ تَنَازَعَا قَدَّرَهُ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ مُعْتَبِرًا حَالَهُمَا، وَقِيلَ، وَقِيلَ حَالَهَا، وَقِيلَ أَقَلَّ مَالٍ.
اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَهْرٍ أَوْ صِفَتِهِ تَحَالَفَا، وَيَتَحَالَفُ وَارِثَاهُمَا أَوْ وَارِثُ وَاحِدٍ وَالْآخَرُ ثُمَّ يُفْسَخُ الْمَهْرُ، وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ. وَلَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً فَأَنْكَرَهَا تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ ادَّعَتْ نِكَاحًا وَمَهْرَ مِثْلٍ فَأَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَأَنْكَرَ الْمَهْرَ أَوْ سَكَتَ فَالْأَصَحُّ تَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ، فَإِنْ ذَكَرَ قَدْرًا وَزَادَتْ تَحَالَفَا، وَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا حَلَفَتْ وَقَضَى لَهَا. وَلَوْ اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوَمَجْنُونَةٍ تَحَالَفَا فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَتْ نَكَحَنِي يَوْمَ كَذَا بِأَلْفٍ، وَيَوْمَ كَذَا بِأَلْفٍ وَثَبَتَ الْعَقْدَانِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَزِمَهُ أَلْفَانِ، فَإِنْ قَالَ لَمْ أَطَأْ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَسَقَطَ الشَّطْرُ، وَإِنْ قَالَ كَانَ الثَّانِي تَجْدِيدَ لَفْظٍ لَا عَقْدًا لَمْ يُقْبَلْ.
وَلِيمَةُ الْعُرْسِ سُنَّةٌ. وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ وَاجِبَةٌ. وَالْإِجَابَةُ إلَيْهَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَقِيلَ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ سُنَّةٌ. وَإِنَّمَا تَجِبُ أَوْ تُسَنُّ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ وَأَنْ يَدْعُوَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِي، وَتُكْرَهُ فِي الثَّالِثِ، وَأَنْ لَا يُحْضِرَهُ لِخَوْفٍ أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَا مُنْكَرٌ، فَإِنْ كَانَ يَزُولُ بِحُضُورِهِ فَلْيَحْضُرْ. وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِرَاشُ حَرِيرٍ وَصُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ وِسَادَةٍ أَوْ سِتْرٍ أَوْ ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ، وَيَجُوزُ مَا عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ وَمِخَدَّةٍ. وَمَقْطُوعُ الرَّأْسِ وَصُورَةُ شَجَرٍ. وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ. وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ، فَإِنْ شَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُ نَفْلٍ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ. وَيَأْكُلُ الضَّيْفُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ، وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِالْأَكْلِ. وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ. وَيَحِلُّ نَثْرُ سُكَّرٍ وَغَيْرُهُ فِي الْإِمْلَاكِ، وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ، وَتَرْكَهُ أَوْلَى.
يَخْتَصُّ الْقَسْمُ بِزَوْجَاتٍ. وَمَنْ بَاتَ عِنْدَ بَعْضِ نِسْوَتِهِ لَزِمَهُ عِنْدَ مَنْ بَقِيَ. وَلَوْ أَعْرَضَ عَنْهُنَّ أَوْ عَنْ الْوَاحِدَةِ لَمْ يَأْثَمْ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعَطِّلَهُنَّ. وَتَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ مَرِيضَةٌ وَرَتْقَاءُ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ، لَا نَاشِزَةٌ. فَإِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِمَسْكَنٍ دَارَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ، وَإِنْ انْفَرَدَ فَالْأَفْضَلُ الْمُضِيُّ إلَيْهِنَّ، وَلَهُ دُعَاؤُهُنَّ، وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُ ذَهَابِهِ إلَى بَعْضٍ وَدُعَاءِ بَعْضٍ، إلَّا لِغَرَضٍ كَقُرْبِ مَسْكَنِ مَنْ مَضَى إلَيْهَا أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهَا. وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيمَ بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ وَيَدْعُوهُنَّ إلَيْهِ. وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ فِي مَسْكَنٍ إلَّا بِرِضَاهُمَا. وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَ الْقَسْمَ عَلَى لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا. وَالْأَصْلُ اللَّيْلُ، وَالنَّهَارُ تَبَعٌ، فَإِنْ عَمِلَ لَيْلاً وَسَكَنَ نَهَارًا كَحَارِسٍ فَعَكْسُهُ. وَلَيْسَ لِلْأَوَّلِ دُخُولٌ فِي نَوْبَةٍ عَلَى أُخْرَى لَيْلاً إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَرَضِهَا الْمَخُوفِ، وَحِينَئِذٍ إنْ طَالَ مُكْثُهُ قَضَى وَإِلَّا فَلَا. وَلَهُ الدُّخُولُ نَهَارًا لِوَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَطُولَ مُكْثُهُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إذَا دَخَلَ لِحَاجَةٍ وَأَنَّ لَهُ مَا سِوَى وَطْءٍ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ، وَأَنَّهُ يَقْضِي إنْ دَخَلَ بِلَا سَبَبٍ. وَلَا تَجِبُ تَسْوِيَةٌ فِي الْإِقَامَةِ نَهَارًا. وَأَقَلُّ نُوَبِ الْقَسْمِ لَيْلَةٌ وَهُوَ أَفْضَلُ، وَيَجُوزُ ثَلَاثًا، لَا زِيَادَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ قُرْعَةٍ لِلِابْتِدَاءِ، وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ. وَلَا يُفَضِّلُ فِي قَدْرِ نَوْبَةٍ لَكِنْ لِحُرَّةٍ مِثْلَا أَمَةٍ، وَتَخْتَصُّ بِكْرٌ جَدِيدَةٌ عِنْدَ زِفَافٍ بِسَبْعٍ بِلَا قَضَاءٍ، وَثَيِّبٌ بِثَلَاثٍ، وَيُسَنُّ تَخْيِيرُهَا بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ، وَسَبْعٍ بِقَضَاءٍ. وَمَنْ سَافَرَتْ وَحْدَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَنَاشِزَةٌ، وَبِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ يَقْضِي لَهَا، وَلِغَرَضِهَا لَا فِي الْجَدِيدِ. وَمَنْ سَافَرَ لِنُقْلَةٍ حَرُمَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ، وَفِي سَائِرِ الْأَسْفَارِ الطَّوِيلَةِ وَكَذَا الْقَصِيرَةُ فِي الْأَصَحِّ يَسْتَصْحِبُ بَعْضَهُنَّ بِقُرْعَةٍ، وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ سَفَرِهِ. فَإِنْ وَصَلَ الْمَقْصِدَ وَصَارَ مُقِيمًا قَضَى مُدَّةَ الْإِقَامَةِ، لَا الرُّجُوعِ فِي الْأَصَحِّ. وَمَنْ وَهَبَتْ حَقَّهَا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ الرِّضَا، فَإِنْ رَضِيَ وَوَهَبَتْ لِمُعَيَّنَةٍ بَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْهِمَا، وَقِيلَ يُوَالِيهِمَا، أَوْ لَهُنَّ سَوَّى أَوْ لَهُ فَلَهُ التَّخْصِيصُ، وَقِيلَ يُسَوِّي.
ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا وَعَظَهَا بِلَا هَجْرٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ نُشُوزٌ وَلَمْ يَتَكَرَّرْ وَعَظَ وَهَجَرَ فِي الْمَضْجَعِ، وَلَا يَضْرِبُ فِي الْأَظْهَرِ. قُلْت: الْأَظْهَرُ يَضْرِبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ تَكَرَّرَ ضَرَبَ. فَلَوْ مَنَعَهَا حَقًّا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ، فَإِنْ أَسَاءَ خُلُقَهُ وَآذَاهَا بِلَا سَبَبِ نَهَاهُ، فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ. وَإِنْ قَالَ كُلٌّ: إنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ تَعَرَّفَ الْقَاضِي الْحَالَ بِثِقَةٍ يُخْبِرُهُمَا وَمَنَعَ الظَّالِمَ، فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ بَعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا، وَفِي قَوْلٍ مُوَلَّيَانِ مِنْ الْحَاكِمِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا فَيُوَكِّلُ حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُولِ عِوَضِ خُلْعٍ، وَتُوَكِّلُ حَكَمَهَا بِبَذْلِ عِوَضٍ وَقَبُولِ طَلَاقٍ بِهِ.
هُوَ فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ بِلَفْظِ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ. شَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، فَلَوْ خَالَعَ عَبْدٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ صَحَّ، وَوَجَبَ دَفْعُ الْعِوَضِ إلَى مَوْلَاهُ وَوَلِيُّهُ. وَشَرْطُ قَابِلِهِ إطْلَاقُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ، فَإِنْ اخْتَلَعَتْ أَمَةٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدٍ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنِ مَالِهِ بَانَتْ، وَلِلزَّوْجِ فِي ذِمَّتِهَا مَهْرُ مِثْلٍ فِي صُورَةِ الْعَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهَا، وَفِي صُورَةِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى، وَفِي قَوْلٍ مَهْرُ مِثْلٍ، وَإِنْ أَذِنَ وَعَيَّنَ عَيْنًا لَهُ أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا فَامْتَثَلَتْ تُعَلَّقُ بِالْعَيْنِ وَبِكَسْبِهَا فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ اقْتَضَى مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ كَسْبِهَا. وَإِنْ خَالَعَ سَفِيهَةً أَوْ قَالَ طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا. فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ تَطْلُقْ. وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ مِثْلٍ. وَرَجْعِيَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ، لَا بَائِنٍ. وَيَصِحُّ عِوَضُهُ قَلِيلاً وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً، وَلَوْ خَالَعَ بِمَجْهُولٍ أَوْ خَمْرٍ بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ بِبَدَلِ الْخَمْرِ. وَلَهُمَا التَّوْكِيلُ، فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ، فَإِنْ نَقَصَ فِيهِمَا لَمْ تَطْلُقْ، وَفِي قَوْلٍ يَقَعُ بِمَهْرِ مِثْلٍ، وَلَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْ بِأَلْفٍ فَامْتَثَلَ نَفَذَ، وَإِنْ زَادَ فَقَالَ اخْتَلَعْتُهَا بِأَلْفَيْنِ مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا بَانَتْ، وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ الْأَكْثَرُ مِنْهُ وَمِمَّا سَمَّتْهُ، وَإِنْ. أَضَافَ الْوَكِيلُ الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ فَخُلْعُ أَجْنَبِيٍّ وَالْمَالُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ. وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ ذِمِّيًّا. وَعَبْدًا وَمَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعِوَضِ. وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ تَوْكِيلِهِ امْرَأَةً بِخُلْعِ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَاقِهَا. وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلاً تَوَلَّى طَرَفًا، وَقِيلَ الطَّرَفَيْنِ.
الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ، وَفِي قَوْلٍ فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَفْظُ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ. وَالْمُفَادَاةُ كَخُلْعٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ، وَفِي قَوْلٍ كِنَايَةٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ جَرَى بِغَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَصَحِّ. وَيَصِحُّ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِالْعَجَمِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا فَقَالَتْ اشْتَرَيْت فَكِنَايَةُ خُلْعٍ، وَإِذَا بَدَأَ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ كَطَلَّقْتُكِ أَوْ خَالَعْتُكِ بِكَذَا، وَقُلْنَا: الْخُلْعُ طَلَاقٌ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا. وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا بِلَفْظٍ غَيْرِ مُنْفَصِلٍ. فَلَوْ اخْتَلَفَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ وَعَكْسُهُ أَوْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَلَغْوٌ، وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّلَاثِ وَوُجُوبُ أَلْفٍ. وَإِنْ بَدَأَ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ كَمَتَى أَوْ مَتَى مَا أَعْطَيْتِنِي فَتَعْلِيقٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَلَا الْإِعْطَاءُ فِي الْمَجْلِسِ، وَإِنْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا أَعْطَيْتِنِي فَكَذَلِكَ لَكِنْ يُشْتَرَطُ إعْطَاءٌ عَلَى الْفَوْرِ. وَإِنْ بَدَأَتْ بِطَلَبِ طَلَاقٍ فَأَجَابَ فَمُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ فَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِهِ، وَيُشْتَرَطُ فَوْرٌ لِجَوَابِهِ، وَلَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ طَلْقَةً بِثُلُثِهِ فَوَاحِدَةً بِثُلُثِهِ. وَإِذَا خَالَعَ أَوْ طَلَّقَ بِعِوَضٍ فَلَا رَجْعَةَ، فَإِنْ شَرَطَهَا فَرَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ، وَفِي قَوْلٍ بَائِنٌ بِمَهْرِ مِثْلٍ. وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِكَذَا وَارْتَدَّتْ فَأَجَابَ إنْ كَانَ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ وَأَصَرَّتْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بَانَتْ بِالرِّدَّةِ، وَلَا مَالَ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِيهَا طَلُقَتْ بِالْمَالِ، وَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ كَلَامٍ يَسِيرٍ بَيْنَ إيجَابٍ وَقَبُولٍ.
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَعَلَيْك أَوْ وَلِي عَلَيْك كَذَا، وَلَمْ يَسْبِقْ طَلَبُهَا بِمَالٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا قَبِلَتْ أَمْ لَا وَلَا مَالَ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مَا يُرَادُ بِطَلَّقْتُك بِكَذَا وَصَدَّقَتْهُ فَكَهُوَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ سَبَقَ بَانَتْ بِالْمَذْكُورِ، وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَطَلَّقْتُكِ بِكَذَا، فَإِذَا قَبِلَتْ بَانَتْ وَوَجَبَ الْمَالُ. وَإِنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَمِنَتْ فِي الْفَوْرِ بَانَتْ وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ. وَإِنْ قَالَ مَتَى ضَمِنْت فَمَتَى ضَمِنَتْ طَلُقَتْ، وَإِنْ ضَمِنَتْ دُونَ الْأَلْفِ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ ضَمِنَتْ أَلْفَيْنِ طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَقَالَتْ: طَلَّقْتُ وَضَمِنْتُ أَوْ عَكْسَهُ بَانَتْ بِأَلْفٍ، فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا، وَإِذَا عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَلُقَتْ، وَالْأَصَحُّ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ قَالَ إنْ أَقْبَضْتِنِي فَقِيلَ كَالْإِعْطَاءِ، وَالْأَصَحُّ كَسَائِرِ التَّعْلِيقِ فَلَا يَمْلِكُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِقْبَاضِ مَجْلِسٌ. قُلْت: وَيَقَعُ رَجْعِيًّا، وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ أَخْذٌ بِيَدِهِ مِنْهَا، وَلَوْ مُكْرَهَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَةِ سَلَمٍ فَأَعْطَتْهُ لَا بِالصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ أَوْ بِهَا مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَمَهْرُ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ قِيمَتُهُ سَلِيمًا. وَلَوْ قَالَ عَبْدًا طَلُقَتْ بِعَبْدٍ إلَّا مَغْصُوبًا فِي الْأَصَحِّ وَلَهُ مَهْرُ مِثْلٍ. وَلَوْ مَلَكَ طَلْقَةً فَقَطْ فَقَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ الطَّلْقَةَ فَلَهُ أَلْفٌ، وَقِيلَ ثُلُثُهُ، وَقِيلَ إنْ عَلِمَتْ الْحَالَ فَأَلْفٌ وَإِلَّا فَثُلُثُهُ. وَلَوْ طَلَبَتْ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ بِمِائَةٍ وَقَعَ بِمِائَةٍ، وَقِيلَ بِأَلْفٍ، وَقِيلَ لَا تَقَعُ، وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي غَدًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ غَدًا أَوْ قَبْلَهُ بَانَتْ بِمَهْرِ مِثْلٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلٍ بِالْمُسَمَّى. وَإِنْ قَالَ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَدَخَلْت طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ بِالْمُسَمَّى، وَفِي وَجْهٍ، أَوْ قَوْلٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ كَرِهَتْ الزَّوْجَةُ وَهُوَ كَاخْتِلَاعِهَا لَفْظًا وَحُكْمًا. وَلِوَكِيلِهَا أَنْ يَخْتَلِعَ لَهُ، وَلِلْأَجْنَبِيِّ تَوْكِيلُهَا فَتَتَخَيَّرُ هِيَ، وَلَوْ اخْتَلَعَ رَجُلٌ وَصَرَّحَ بِوَكَالَتِهَا كَاذِبًا لَمْ تَطْلُقْ وَأَبُوهَا كَأَجْنَبِيٍّ فَيَخْتَلِعُ بِمَالِهِ، فَإِنْ اخْتَلَعَ بِمَالِهَا وَصَرَّحَ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ لَمْ تَطْلُقْ، أَوْ بِاسْتِقْلَالٍ فَخُلْعٌ بِمَغْصُوبٍ.
ادَّعَتْ خُلْعًا فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا فَقَالَتْ مَجَّانًا بَانَتْ وَلَا عِوَضَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ عِوَضِهِ، أَوْ قَدْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ، وَلَوْ خَالَعَ بِأَلْفٍ وَنَوَيَا نَوْعًا لَزِمَ، وَقِيلَ مَهْرُ مِثْلٍ، وَلَوْ قَالَ أَرَدْنَا دَنَانِيرَ فَقَالَتْ بَلْ دَرَاهِمَ أَوْ فُلُوسًا تَحَالَفَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ بِلَا تَحَالُفٍ فِي الثَّانِي. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانَ. وَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَبِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ، فَصَرِيحُهُ الطَّلَاقُ وَكَذَا الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَطَلَّقْتُك وَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ وَيَا طَالِقُ، لَا أَنْتِ طَلَاقٌ وَالطَّلَاقُ فِي الْأَصَحِّ. وَتَرْجَمَةُ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ صَرِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقْتُك وَأَنْتِ مُطْلَقَةٌ كِنَايَةٌ، وَلَوْ اشْتَهَرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحَلَالِ أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ. قُلْت: الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكِنَايَتُهُ كَأَنْتِ خَلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ بَتَّةً بَتْلَةٌ بَائِنٌ اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك الْحَقِي بِأَهْلِك، حَبْلُك عَلَى غَارِبِك، لَا أَنْدَهُ سَرْبَكِ، اُعْزُبِي اُغْرُبِي دَعِينِي وَدِّعِينِي وَنَحْوِهَا، وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسُهُ. وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسُهُ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا حَصَلَ، أَوْ نَوَاهُمَا، تَخَيَّرَ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ، وَقِيلَ طَلَاقٌ، وَقِيلَ ظِهَارٌ، أَوْ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا لَمْ تَحْرُمْ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ نِيَّةٌ فِي الْأَظْهَرِ، وَالثَّانِي لَغْوٌ وَإِنْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ وَنَوَى عِتْقًا ثَبَتَ، أَوْ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ لَا نِيَّةَ فَكَالزَّوْجَةِ. وَلَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الطَّعَامُ أَوْ الْعَبْدُ حَرَامٌ عَلَيَّ فَلَغْوٌ. وَشَرْطُ نِيَّةِ الْكِنَايَةِ اقْتِرَانُهَا بِكُلِّ اللَّفْظِ، وَقِيلَ يَكْفِي بِأَوَّلِهِ. وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ لَغْوٌ، وَقِيلَ كِنَايَةٌ، وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ فِي الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ، فَإِنْ فَهِمَ طَلَاقَهُ بِهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهِ فَطِنُونَ فَكِنَايَةٌ. لَوْ كَتَبَ نَاطِقٌ طَلَاقًا، وَلَمْ يَنْوِهِ فَلَغْوٌ، وَإِنْ نَوَاهُ فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ. فَإِنْ كَتَبَ إذَا بَلَغَك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّمَا تَطْلُقُ بِبُلُوغِهِ. وَإِنْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي وَهِيَ قَارِئَةٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً فَقُرِئَ عَلَيْهَا فَقَرَأَتْهُ طَلُقَتْ وَإِنْ قُرِئَ عَلَيْهَا فَلَا فِي الْأَصَحِّ، طَلُقَتْ.
لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا إلَيْهَا، وَهُوَ تَمْلِيكٌ، فِي الْجَدِيدِ فَيُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ تَطْلِيقُهَا عَلَى الْفَوْرِ. وَإِنْ قَالَ طَلِّقِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَتْ بَانَتْ وَلَزِمَهَا أَلْفٌ، وَقِيلَ قَوْلٌ تَوْكِيلٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فَوْرٌ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي اشْتِرَاطِ قَبُولِهَا خِلَافُ الْوَكِيلِ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ تَطْلِيقِهَا، وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَطَلِّقِي لَغَا عَلَى التَّمْلِيكِ. وَلَوْ قَالَ أَبِينِي نَفْسَك فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَى وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي فَقَالَتْ أَبَنْت وَنَوَتْ، أَوْ أَبِينِي وَنَوَى فَقَالَتْ طَلَّقْت وَقَعَ. وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي وَنَوَى ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت وَنَوَتْهُنَّ فَثَلَاثٌ وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا فَوَحَّدَتْ أَوْ عَكْسَهُ فَوَاحِدَةٌ.
مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ لَغَا، وَلَوْ سَبَقَ لِسَانٌ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ لَغَا، وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ. وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَصَدَ النِّدَاءَ لَمْ تَطْلُقْ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ؛ وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت النِّدَاءَ فَالْتَفَّ الْحَرْفُ صُدِّقَ. وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلاً أَوْ لَاعِبًا أَوْ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ أَنْكَحَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وَقَعَ. وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ، وَقِيلَ إنْ نَوَى مَعْنَاهَا وَقَعَ. وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ، فَإِنْ ظَهَرَتْ قَرِينَةُ اخْتِيَارٍ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى ثَلَاثٍ، فَوَحَّدَ، أَوْ صَرِيحٍ أَوْ تَعْلِيقٍ فَكَنَّى أَوْ نَجَّزَ أَوْ عَلَى طَلَّقْتُ فَسَرَّحَ أَوْ بِالْعُكُوسِ وَقَعَ، وَشَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا هَدَّدَ بِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ تَغَلُّبٍ، وَعَجْزُ الْمُكْرَهِ عَنْ دَفْعِهِ بِهَرَبٍ وَغَيْرِهِ وَظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ حَقَّقَهُ، وَيَحْصُلُ بِتَخْوِيفٍ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ قَتْلٌ، وَقِيلَ قَتْلٌ أَوْ قَطْعٌ أَوْ ضَرْبٌ مَخُوفٌ. وَلَا تُشْتَرَطُ التَّوْرِيَةُ بِأَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا، وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ وَقَعَ. وَمَنْ أَثِمَ بِمُزِيلِ عَقْلِهِ مِنْ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ نَفَذَ طَلَاقُهُ وَتَصَرُّفُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ قَوْلاً وَفِعْلاً عَلَى الْمَذْهَبِ، وَفِي قَوْلٍ لَا، وَقِيلَ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ رُبْعُك أَوْ بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك أَوْ كَبِدُكِ أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفْرُك طَالِقٌ وَقَعَ، وَكَذَا دَمُك عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا فَضْلَةٌ كَرِيقٍ وَعَرَقٍ، وَكَذَا مَنِيٌّ وَلَبَنٌ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقَهَا طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَلَا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ إضَافَتَهُ إلَيْهَا فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَائِنٌ اُشْتُرِطَ نِيَّةُ الطَّلَاقِ، وَفِي الْإِضَافَةِ الْوَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ اسْتَبْرِئِي رَحِمِي مِنْك فَلَغْوٌ، وَقِيلَ إنْ نَوَى طَلَاقَهَا وَقَعَ.
خِطَابُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِطَلَاقٍ وَتَعْلِيقُهُ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ لَغْوٌ. والأصحُّ: صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَبْدِ ثَالِثَةً كَقَوْلِهِ: إنْ عَتَقْت أَوْ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَيَقَعْنَ إذَا عَتَقَ أَوْ دَخَلَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ. وَيَلْحَقُ رَجْعِيَّةً لَا مُخْتَلِعَةً، وَلَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِ فَبَانَتْ ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَمْ يَقَعْ إنْ دَخَلَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْأَظْهَرِ، وَفِي ثَالِثٍ يَقَعُ إنْ بَانَتْ بِدُونِ ثَلَاثٍ. وَلَوْ طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ وَرَاجَعَ أَوْ جَدَّدَ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ بِبَقِيَّةِ الثَّلَاثِ وَإِنْ ثَلَّثَ عَادَتْ بِثَلَاثٍ. وَلِلْعَبْدِ طَلْقَتَانِ فَقَطْ، وَلِلْحُرِّ ثَلَاثٌ. وَيَقَعُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَيَتَوَارَثَانِ فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ لَا بَائِنٍ، وَفِي الْقَدِيمِ تَرِثُهُ.
قَالَ: طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى عَدَدًا وَقَعَ، وَكَذَا الْكِنَايَةُ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنَوَى عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ، وَقِيلَ الْمَنْوِيُّ. قُلْت: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَاحِدَةٌ وَنَوَى عَدَدًا فَالْمَنْوِيُّ، وَقِيلَ وَاحِدَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ، وَقِيلَ وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَتَخَلَّلَ فَصْلٌ فَثَلَاثٌ، وَإِلَّا فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا فَوَاحِدَةٌ أَوْ اسْتِئْنَافًا فَثَلَاثٌ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ، وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدًا وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَكَسَ فَثِنْتَانِ أَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى فَثَلَاثٌ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ صَحَّ قَصْدُ تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ، لَا الْأَوَّلِ بِالثَّانِي، وَهَذِهِ الصُّوَرُ فِي مَوْطُوءَةٍ، فَلَوْ قَالَهُنَّ لِغَيْرِهَا فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ قَالَ لِهَذِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَدَخَلَتْ فَثِنْتَانِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً مَعَ أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ فَثِنْتَانِ، وَكَذَا غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ فَثِنْتَانِ فِي مَوْطُوءَةٍ، وَطَلْقَةٌ فِي غَيْرِهَا، وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ فَكَذَا فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً فِي طَلْقَةٍ وَأَرَادَ مَعَ فَطَلْقَتَانِ أَوْ الظَّرْفَ أَوْ الْحِسَابَ أَوْ أَطْلَقَ فَطَلْقَةٌ، وَلَوْ قَالَ نِصْفَ طَلْقَةٍ فِي نِصْفِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً فِي طَلْقَتَيْنِ وَقَصَدَ مَعِيَّةً فَثَلَاثٌ أَوْ ظَرْفًا فَوَاحِدَةٌ، أَوْ حِسَابًا وَعَرَفَهُ فَثِنْتَانِ، وَإِنْ جَهِلَهُ وَقَصَدَ مَعْنَاهُ فَطَلْقَةٌ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَطَلْقَةٌ، وَفِي قَوْلٍ ثِنْتَانِ إنْ عَرَفَ حِسَابًا. وَلَوْ قَالَ بَعْضَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ، أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ، وَثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ طَلْقَتَانِ، وَلَوْ قَالَ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَطَلْقَةٌ. وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَوْقَعْت عَلَيْكُنَّ أَوْ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ، فَإِنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ وَقَعَ فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ، وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ ثَلَاثٌ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ بِبَيْنَكُنَّ بَعْضَهُنَّ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْتِ كَهِيَ، فَإِنْ نَوَى طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ آخَرُ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ.
يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِشَرْطِ اتِّصَالِهِ، وَلَا يَضُرُّ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ. قُلْت: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ، أَوْ اثْنَتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ، وَقِيلَ ثِنْتَانِ وَهُوَ مِنْ نَفْيٍ إثْبَاتٌ وَعَكْسُهُ، فَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا طَلْقَةً فَثِنْتَانِ، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَثِنْتَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ، وَقِيلَ طَلْقَةٌ، أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا فَثِنْتَانِ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ أَوْ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ تَعْلِيقٍ وَعِتْقٍ وَيَمِينٍ وَنَذْرٍ وَكُلِّ تَصَرُّفٍ. وَلَوْ قَالَ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ. أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا فِي الْأَصَحِّ.
شَكَّ فِي طَلَاقٍ فَلَا، أَوْ فِي عَدَدٍ فَالْأَقَلُّ، وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ. وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْهُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَجُهِلَ لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ أَحَدٍ، فَإِنْ قَالَهُمَا رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ وَالْبَيَانُ، وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا ثُمَّ جَهِلَهَا وُقِفَ حَتَّى يَذَّكَّرَ، وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي الْجَهْلِ. وَلَوْ قَالَ لَهَا وَلِأَجْنَبِيَّةٍ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَالَ قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ، وَقَالَ قَصَدْتُ أَجْنَبِيَّةً فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ، وَإِلَّا فَإِحْدَاهُمَا، وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ فِي الْحَالَةِ الْأَوْلَى، وَالتَّعْيِينُ فِي الثَّانِيَةِ، وَتُعْزَلَانِ عَنْهُ إلَى الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ، وَعَلَيْهِ الْبِدَارُ بِهِمَا، وَنَفَقَتُهُمَا فِي الْحَالِ. وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِاللَّفْظِ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ، فَعِنْدَ التَّعْيِينِ، وَالْوَطْءُ لَيْسَ بَيَانًا وَلَا تَعْيِينًا، وَقِيلَ تَعْيِينٌ، وَلَوْ قَالَ مُشِيرًا إلَى وَاحِدَةٍ: هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ فَبَيَانٌ، أَوْ أَرَدْت هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِهِمَا، وَلَوْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ وَتَعْيِينٍ بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ لِبَيَانِ الْإِرْثِ، وَلَوْ مَاتَ فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ لَا تَعْيِينِهِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجُهِلَ مُنِعَ مِنْهُمَا إلَى الْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ، بَلْ يُقْرِعُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ، فَإِنْ قَرَعَ عَتَقَ، أَوْ قَرَعَتْ لَمْ تَطْلُقْ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرِقُّ.
الطَّلَاقُ سُنِّيٌّ وَبِدْعِيٌّ. وَيَحْرُمُ الْبِدْعِيُّ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: طَلَاقٌ فِي حَيْضٍ مَمْسُوسَةٍ، وَقِيلَ إنْ سَأَلَتْهُ لَمْ يَحْرُمْ، وَيَجُوزُ خُلْعُهَا فِيهِ لَا أَجْنَبِيٍّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ حَيْضِك فَسُنِّيٌّ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ مَعَ آخِرِ طُهْرٍ لَمْ يَطَأْهَا فِيهِ فَبِدْعِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَطَلَاقٌ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ مَنْ قَدْ تَحْبَلُ وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ فَلَوْ وَطِئَ حَائِضًا فَطَلَّقَهَا فَبِدْعِيٌّ فِي الْأَصَحِّ، وَيَحِلُّ خُلْعُهَا، وَطَلَاقُ مَنْ ظَهَرَ، حَمْلُهَا. وَمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا سُنَّ لَهُ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ بَعْدَ طُهْرٍ. وَلَوْ قَالَ لِحَائِضٍ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ أَوْ لِلسُّنَّةِ فَحِينَ تَطْهُرُ، أَوْ لِمَنْ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ مُسَّتْ فِيهِ فَحِينَ تَطْهُرُ بَعْدَ حَيْضٍ، أَوْ لِلْبِدْعَةِ فَفِي الْحَالِ إنْ مُسَّتْ فِيهِ، وَإِلَّا فَحِينَ تَحِيضُ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً حَسَنَةً أَوْ أَحْسَنَ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْمَلَهُ فَكَالسُّنَّةِ، أَوْ طَلْقَةً قَبِيحَةٍ أَوْ أَقْبَحَ الطَّلَاقِ أَوْ أَفْحَشَهُ فَكَالْبِدْعَةِ، أَوْ سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً وَقَعَ فِي الْحَالِ. وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ، وَفَسَّرَ بِتَفْرِيقِهَا عَلَى أَقْرَاءٍ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُدَيَّنُ، وَيُدَيَّنُ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ. وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُنَّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا إلَّا لِقَرِينَةٍ بِأَنْ خَاصَمَتْهُ وَقَالَتْ تَزَوَّجْت فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَ الْمُخَاصَمَةِ.
قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ وَقَعَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ أَوْ فِي نَهَارِهِ أَوْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ فَبِفَجْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ، أَوْ آخِرِهِ فَبِآخِرِ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ، وَقِيلَ بِأَوَّلِ النِّصْفِ الْآخَرِ. وَلَوْ قَالَ لَيْلاً إذَا مَضَى يَوْمٌ فَبِغُرُوبِ شَمْسِ غَدِهِ، أَوْ نَهَارًا فَفِي مِثْلِ وَقْتِهِ مِنْ غَدِهِ أَوْ الْيَوْمُ، فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِهِ وَإِلَّا لَغَا، وَبِهِ يُقَاسُ شَهْرٌ وَسَنَةٌ. أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ، وَقَصَدَ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَالِ مُسْتَنِدًا إلَيْهِ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ لَغْوٌ أَوْ قَصَدَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْسِ، وَهِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ قَالَ طَلَّقْت فِي نِكَاحٍ آخَرَ، فَإِنْ عُرِفَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَأَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ: مَنْ كَمَنْ دَخَلَتْ، وَإِنْ وَإِذَا، وَمَتَى، وَمَتَى مَا وَكُلَّمَا وَأَيُّ كَأَيِّ وَقْتٍ دَخَلْت، وَلَا يَقْتَضِينَ فَوْرًا إنْ عُلِّقَ بِإِثْبَاتٍ فِي غَيْرِ خُلْعٍ إلَّا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت، وَلَا تَكْرَارًا إلَّا كُلَّمَا، وَلَوْ قَالَ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَ أَوْ عَلَّقَ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فَطَلْقَتَانِ، أَوْ كُلَّمَا وَقَعَ طَلَاقِي فَطَلَّقَ فَثَلَاثٌ فِي مَمْسُوسَةٍ وَفِي غَيْرِهَا، طَلْقَةٌ. وَلَوْ قَالَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ إنْ طَلَّقْت وَاحِدَةً فَعَبْدٌ حُرٌّ، وَإِنْ ثِنْتَيْنِ فَعَبْدَانِ، وَإِنْ ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ، وَإِنْ أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ فَطَلَّقَ أَرْبَعًا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا عَتَقَ عَشَرَةً، وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَ بِإِنْ كَإِنْ لَمْ تَدْخُلِي وَقَعَ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الدُّخُولِ، أَوْ بِغَيْرِهَا فَعِنْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِي بِفَتْحِ أَنْ وَقَعَ فِي الْحَالِ. قُلْت: إلَّا فِي غَيْرِ نَحْوِيٍّ فَتَعْلِيقٌ فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
عَلَّقَ بِحَمْلٍ، فَإِنْ كَانَ حَمْلٌ ظَاهِرٌ وَقَعَ، وَإِلَّا فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ بَانَ وُقُوعُهُ، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ بَيْنَهُمَا وَوُطِئَتْ وَأَمْكَنَ حُدُوثُهُ بِهِ فَلَا، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ وُقُوعُهُ. وَإِنْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلاً بِذَكَرٍ فَطَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا وَقَعَ ثَلَاثٌ. أَوْ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَطَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَوْ إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي. وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْت فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مِنْ حَمْلٍ وَقَعَ بِالْأَوَّلَيْنِ طَلْقَتَانِ وَانْقَضَتْ بِالثَّالِثِ، وَلَا يَقَعُ بِهِ ثَالِثَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَلَدْنَ مَعًا طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَوْ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الرَّابِعَةُ ثَلَاثًا، وَكَذَا الْأُولَى إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا، وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً، وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا، وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ الْأُولَى، وَتَطْلُقُ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً، وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقِيلَ طَلْقَةً، وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ. وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي حَيْضِهَا إذَا عَلَّقَهُ بِهِ، لَا فِي وِلَادَتِهَا فِي الْأَصَحِّ. وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ فِي تَعْلِيقِ غَيْرِهَا. وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَزَعَمَتَاهُ وَكَذَّبَهُمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَمْ يَقَعْ، وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فَقَطْ. وَلَوْ قَالَ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ فَقَطْ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ. وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ آلَيْت أَوْ لَاعَنْت أَوْ فَسَخْت بِعَيْبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ فَفِي صِحَّتِهِ الْخِلَافُ. وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك مُبَاحًا فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثُمَّ وَطِئَ لَمْ يَقَعْ قَطْعًا. وَلَوْ عَلَّقَهُ، بِمَشِيئَتِهَا خِطَابًا اُشْتُرِطَتْ عَلَى فَوْرٍ، أَوْ غَيْبَةً، أَوْ بِمَشِيئَةِ أَجْنَبِيٍّ فَلَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ شِئْت كَارِهًا بِقَلْبِهِ وَقَعَ، وَقِيلَ لَا يَقَعُ بَاطِنًا. وَلَا يَقَعُ بِمَشِيئَةِ صَبِيَّةٍ وَصَبِيٍّ، وَقِيلَ يَقَعُ بِمُمَيِّزٍ وَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ طَلْقَةً فَشَاءَ طَلْقَةً لَمْ تَطْلُقْ، وَقِيلَ تَقَعُ طَلْقَةً، وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ فَفَعَلَ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ مُكْرَهًا لَمْ تَطْلُقْ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ وَعَلِمَ بِهِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَيَقَعُ قَطْعًا.
قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَقَعْ عَدَدٌ إلَّا بِنِيَّةٍ، فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ هَكَذَا طَلُقَتْ فِي أُصْبُعَيْنِ طَلْقَتَيْنِ وَفِي ثَلَاثٍ ثَلَاثًا، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِالْإِشَارَةِ الْمَقْبُوضَتَيْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَلَوْ قَالَ عَبْدٌ إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَقَالَ سَيِّدُهُ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَعَتَقَ بِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ بَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَتَجْدِيدُ قَبْلَ زَوْجٍ. وَلَوْ نَادَى إحْدَى زَوْجَتَيْهِ فَأَجَابَتْهُ الْأُخْرَى فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ لَمْ تَطْلُقْ الْمُنَادَاةُ وَتَطْلُقُ الْمُجِيبَةُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَعَلَّقَ بِنِصْفٍ فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً فَطَلْقَتَانِ وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، فَإِذَا قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي أَوْ إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ، وَيَقَعُ الْآخَرُ إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ. وَلَوْ قَالَ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحُجَّاجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ. وَلَوْ قِيلَ لَهُ اسْتِخْبَارًا أَطَلَّقْتهَا فَقَالَ نَعَمْ فَإِقْرَارٌ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت مَاضِيًا وَرَاجَعْت صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قِيلَ ذَلِكَ الْتِمَاسًا لِإِنْشَاءٍ فَقَالَ نَعَمْ فَصَرِيحٌ وَقِيلَ كِنَايَةٌ.
عَلَّقَ بِأَكْلِ رَغِيفٍ أَوْ رُمَّانَةٍ فَبَقِيَ لُبَابَةٌ أَوْ حَبَّةٌ لَمْ يَقَعْ، وَلَوْ أَكَلَا تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا فَقَالَ إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَجَعَلَتْ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا لَمْ يَقَعْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْيِينًا وَلَوْ كَانَ بِفَمِهَا تَمْرَةٌ فَعَلَّقَ بِبَلْعِهَا ثُمَّ بِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا فَبَادَرَتْ مَعَ فَرَاغِهِ بِأَكْلِ بَعْضٍ وَرَمْيِ بَعْضٍ لَمْ يَقَعْ. وَلَوْ اتَّهَمَهَا بِسَرِقَةٍ فَقَالَ إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ سَرَقْت مَا سَرَقْت لَمْ تَطْلُقْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا فَالْخَلَاصُ أَنْ تَذْكُرَ عَدَدًا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْهُ ثُمَّ تَزِيدَ وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى تَبْلُغَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ، وَالصُّورَتَانِ فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا. وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ: مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ: أَيْ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ: أَيْ لِمُسَافِرٍ لَمْ يَقَعْ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ بَعْدَ حِينٍ طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ. وَلَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ أَوْ لَمْسِهِ وَقَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا، بِخِلَافِ ضَرْبِهِ. وَلَوْ خَاطَبَتْهُ بِمَكْرُوهٍ كَيَا سَفِيهُ يَا خَسِيسُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَرَادَ مُكَافَأَتَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفَهٌ، أَوْ التَّعْلِيقَ اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ فِي الْأَصَحِّ، وَالسَّفَهُ مُنَافِي إطْلَاقَ التَّصَرُّفِ، وَالْخَسِيسُ. قِيلَ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بُخْلاً.
النِّكَاحُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ طَلَّقَ فَجُنَّ فَلِلْوَلِيِّ الرَّجْعَةُ عَلَى الصَّحِيحِ حَيْثُ لَهُ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ. وَتَحْصُلُ بِرَاجَعْتُك وَرَجَعْتُك وَارْتَجَعْتُك، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّدَّ وَالْإِمْسَاكَ صَرِيحَانِ، وَأَنَّ التَّزْوِيجَ وَالنِّكَاحَ كِنَايَتَانِ، وَلْيَقُلْ رَدَدْتهَا إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ فَتَصِحُّ بِكِنَايَةٍ وَلَا تَقْبَلُ تَعْلِيقًا، وَلَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ كَوَطْءٍ وَتَخْتَصُّ الرَّجْعَةُ بِمَوْطُوءَةٍ طَلُقَتْ بِلَا عِوَضٍ لَمْ يُسْتَوْفَ عَدَدُ طَلَاقِهَا، بَاقِيَةٌ فِي الْعِدَّةِ، مَحِلٍّ لِحِلٍّ، لَا مُرْتَدَّةٍ وَإِذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَوْ وَضْعَ حَمْلٍ لِمُدَّةِ إمْكَانِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لَا آيِسَةٌ فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا بِيَمِينٍ وَإِنْ ادَّعَتْ وِلَادَةَ تَامٍّ فَإِمْكَانُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَانِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ، أَوْ سِقْطٍ مُصَوَّرٍ فَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ أَوْ مُضْغَةٍ بِلَا صُورَةٍ فَثَمَانُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ أَوْ انْقِضَاءَ أَقْرَاءٍ، فَإِنْ كَانَتْ، حُرَّةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَأَقَلُّ الْإِمْكَانَ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ أَوْ فِي حَيْضٍ فَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلَحْظَةٌ، أَوْ أَمَةً وَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ أَوْ فِي حَيْضٍ فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَلَحْظَةٌ وَتُصَدَّقُ إنْ لَمْ تُخَالِفْ عَادَةً دَائِرَةٌ، وَكَذَا إنْ خَالَفَتْ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ وَطِئَ رَجْعِيَّتَهُ وَاسْتَأْنَفَتْ الْأَقْرَاءَ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ رَاجَعَ فِيمَا كَانَ بَقِيَ وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ، وَلَا يُعَزَّرُ إلَّا مُعْتَقِدُ تَحْرِيمِهِ، وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ إنْ لَمْ يُرَاجِعْ، وَكَذَا إنْ رَاجَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَيَصِحُّ إيلَاءٌ وَظِهَارٌ وَطَلَاقٌ وَلِعَانٌ وَيَتَوَارَثَانِ وَإِذَا ادَّعَى وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ رَجْعَةً فِيهَا فَأَنْكَرَتْ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَ رَاجَعْت يَوْمَ الْخَمِيسِ، فَقَالَتْ بَلْ السَّبْتِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَوْ عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَتْ: انْقَضَتْ الْخَمِيسَ، وَقَالَ السَّبْتَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ فَالْأَصَحُّ تَرْجِيحُ سَبْقِ الدَّعْوَى، فَإِنْ ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ ثُمَّ ادَّعَى رَجْعَةً قَبْلَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا أَوْ ادَّعَاهَا قَبْلَ انْقِضَاءٍ فَقَالَتْ بَعْدَهُ صُدِّقَ قُلْت فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صُدِّقَتْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَتَى ادَّعَاهَا وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ صُدِّقَ، وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ ثُمَّ اعْتَرَفَتْ قَبْلَ اعْتِرَافِهَا وَإِذَا طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ وَقَالَ وَطِئْت فَلِي رَجْعَةٌ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَ بِيَمِينٍ وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ، فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا تُطَالِبُهُ إلَّا بِنِصْفٍ
يَصِحُّ طَلَاقُهُ لِيَمْتَنِعَنَّ مِنْ وَطْئِهَا مُطْلَقًا أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَالْجَدِيدُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، بَلْ لَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا أَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ حَجٌّ أَوْ عِتْقٌ كَانَ مُولِيًا، وَلَوْ حَلَفَ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهِ فَيَمِينٌ مَحْضَةٌ، فَإِنْ نَكَحَهَا فَلَا إيلَاءَ وَلَوْ آلَى مِنْ رَتْقَاءَ، أَوْ قَرْنَاءَ، أَوْ آلَى مَجْبُوبٌ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَهَكَذَا مِرَارًا فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً فَإِيلَاءَانِ لِكُلٍّ حُكْمُهُ وَلَوْ قَيَّدَ بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِي الْأَرْبَعَةِ كَنُزُولِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُولٍ، وَإِنْ ظَنَّ حُصُولَهُ قَبْلَهَا فَلَا. وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي الْأَصَحِّ وَلَفْظُهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ، فَمِنْ صَرِيحِهِ تَغْيِيبُ ذَكَرٍ بِفَرْجٍ وَوَطْءٌ وَجِمَاعٌ وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ، وَالْجَدِيدُ أَنَّ مُلَامَسَةً وَمُبَاضَعَةً وَمُبَاشَرَةً وَإِتْيَانًا وَغَشْيَانًا وَقِرْبَانًا وَنَحْوِهَا كِنَايَاتٌ وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ زَالَ الْإِيلَاءُ، وَلَوْ قَالَ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَكَانَ ظَاهَرَ فَمُولٍ، وَإِلَّا فَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ بَاطِنًا، وَيُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا. وَلَوْ قَالَ عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يُظَاهِرَ، أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمُولٍ، فَإِنْ وَطِئَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ وَزَالَ الْإِيلَاءُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ، فَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ وَطْءٍ زَالَ الْإِيلَاءُ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُ إلَى سَنَةٍ إلَّا مَرَّةً فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ وَطِئَ وَبَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَمُولٍ.
يُمْهَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِيلَاءِ بِلَا قَاضٍ. وَفِي رَجْعِيَّةٍ مِنْ الرَّجْعَةِ وَلَوْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ دُخُولٍ فِي الْمُدَّةِ انْقَطَعَتْ، فَإِذَا أَسْلَمَ اُسْتُؤْنِفَتْ وَمَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَلَمْ يُخِلَّ بِنِكَاحٍ إنْ وُجِدَ فِيهِ لَمْ يَمْنَعْ الْمُدَّةَ كَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ وَجُنُونٍ، أَوْ فِيهَا وَهُوَ حِسِّيٌّ كَصِغَرٍ وَمَرَضٍ مَنَعَ، وَإِنْ حَدَثَ فِي الْمُدَّةِ قَطَعَهَا فَإِذَا زَالَ اُسْتُؤْنِفَتْ، وَقِيلَ تُبْنَى، أَوْ شَرْعِيٌّ كَحَيْضٍ وَصَوْمِ نَفْلٍ فَلَا، وَيَمْنَعُ فَرْضٌ فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ، وَإِلَّا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِأَنْ يَفِيءَ أَوْ يُطَلِّقَ وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ. وَتَحْصُلُ الْفَيْئَةُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ بِقُبُلٍ، وَلَا مُطَالَبَةَ إنْ كَانَ بِهَا مَانِعُ وَطْءٍ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَانِعٌ طَبِيعِيٌّ كَمَرَضٍ طُولِبَ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا قَدَرْت فِئْت: أَوْ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِطَلَاقٍ، فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ وَالطَّلَاقَ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ طَلْقَةً، وَأَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةً، وَأَنَّهُ إذَا وَطِئَ بَعْدَ مُطَالَبَةٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ
يَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَخَصِيًّا، وَظِهَارُ سَكْرَانَ كَطَلَاقِهِ، وَصَرِيحُهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي كَظَهْرِ أُمِّي، وَكَذَا أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي صَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُهُ: جِسْمُكِ أَوْ بَدَنُك أَوْ نَفْسُك كَبَدَنِ أُمِّي أَوْ جِسْمِهَا أَوْ جُمْلَتِهَا صَرِيحٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ كَيَدِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ صَدْرِهَا ظِهَارٌ، وَكَذَا كَعَيْنِهَا إنْ قَصَدَ ظِهَارًا، وَإِنْ قَصَدَ كَرَامَةً فَلَا. وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ: رَأْسُك أَوْ ظَهْرُك أَوْ يَدُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ظِهَارٌ فِي الْأَظْهَرِ، وَالتَّشْبِيهُ بِالْجَدَّةِ ظِهَارٌ، وَالْمَذْهَبُ طَرْدُهُ فِي كُلِّ مَحْرَمٍ لَمْ يَطْرَأْ تَحْرِيمُهَا، لَا مُرْضِعَةٍ وَزَوْجَةِ ابْنٍ، وَلَوْ شَبَّهَ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ وَأُخْتِ زَوْجَةٍ وَأَبٍ وَمُلَاعَنَةٍ فَلَغْوٌ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ: إنْ ظَاهَرْت مِنْ زَوْجَتِي الْأُخْرَى فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَظَاهَرَ صَارَ مُظَاهِرًا مِنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْت مِنْ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ أَجْنَبِيَّةٌ فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ، فَلَوْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ مِنْهَا صَارَ مُظَاهِرًا. وَلَوْ قَالَ مِنْ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ فَكَذَلِكَ، وَقِيلَ لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا، وَإِنْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ، وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْت مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ فَلَغْوٌ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ أَوْ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ هُمَا أَوْ الظِّهَارَ بِأَنْتِ طَالِقٌ، وَالطَّلَاقُ بِكَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ وَلَا ظِهَارَ، أَوْ الطَّلَاقَ بِأَنْتِ طَالِقٌ، وَالظِّهَارَ بِالْبَاقِي طَلُقَتْ وَحَصَلَ الظِّهَارُ إنْ كَانَ طَلَاقَ رَجْعَةٍ.
عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَةٌ إذَا عَادَ، وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ ظِهَارِهِ زَمَنَ إمْكَانَ فُرْقَةٍ، فَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ فُرْقَةٌ، بِمَوْتٍ أَوْ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَلَمْ يُرَاجِعْ أَوْ جُنَّ فَلَا عَوْدَ، وَكَذَا لَوْ مَلَكَهَا أَوْ لَاعَنَهَا فِي الْأَصَحِّ، بِشَرْطِ سَبْقِ الْقَذْفِ ظِهَارَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ رَاجَعَ أَوْ ارْتَدَّ، مُتَّصِلاً ثُمَّ أَسْلَمَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَائِدٌ بِالرَّجْعَةِ، لَا بِالْإِسْلَامِ، بَلْ بَعْدَهُ، وَلَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بَعْدَ الْعَوْدِ بِفُرْقَةٍ وَيَحْرُمُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَطْءٌ، وَكَذَا لَمْسٌ وَنَحْوُهُ بِشَهْوَةٍ فِي الْأَظْهَرِ قُلْت: الْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ مُؤَقَّتًا، وَفِي قَوْلٍ مُؤَبَّدًا، وَفِي قَوْلٍ لَغْوٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَصَحُّ أَنَّ عَوْدَهُ لَا يَحْصُلُ بِإِمْسَاكٍ بَلْ بِوَطْءٍ فِي الْمُدَّةِ وَيَجِبُ النَّزْعُ بِمُغَيِّبِ الْحَشَفَةِ وَلَوْ قَالَ: لِأَرْبَعٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَمُظَاهِرٌ مِنْهُنَّ، فَإِنْ أَمْسَكَهُنَّ فَأَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ، وَفِي الْقَدِيمِ كَفَّارَةٌ، وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَعَائِدٌ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ، وَلَوْ كَرَّرَ فِي امْرَأَةٍ مُتَّصِلاً وَقَصَدَ تَأْكِيدًا فَظِهَارٌ وَاحِدٌ، أَوْ اسْتِئْنَافًا فَالْأَظْهَرُ التَّعَدُّدُ، وَأَنَّهُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ عَائِدٌ فِي الْأَوَّلِ
وَخِصَالُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِلَا عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ وَالْكَسْبِ فَيُجْزِئُ صَغِيرٌ أَقْرَعُ أَعْرَجُ يُمْكِنُهُ تِبَاعُ مَشْيٍ، وَأَعْوَرُ وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ وَأَخْشَمُ، وَفَاقِدُ أَنْفِهِ وَأُذُنَيْهِ، وَأَصَابِعِ رِجْلَيْهِ لَا زَمِنٌ وَلَا فَاقِدُ رِجْلٍ أَوْ خِنْصِرٍ وَبِنْصِرٍ مِنْ يَدٍ أَوْ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا قُلْت: أَوْ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا هَرِمٌ عَاجِزٌ، وَمَنْ أَكْثَرُ وَقْتِهِ مَجْنُونٌ وَمَرِيضٌ لَا يُرْجَى، فَإِنْ بَرَأَ بَانَ الْإِجْزَاءُ فِي الْأَصَحِّ. وَلَا يُجْزِئُ شِرَاءُ قَرِيبٍ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ، وَلَا أُمِّ وَلَدٍ وَذِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ، وَيُجْزِئُ مُدَبَّرٌ وَمُعَلَّقٌ بِصِفَةٍ، فَإِنْ أَرَادَ جَعْلَ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ كَفَّارَةً لَمْ يَجُزْ وَلَهُ تَعْلِيقُ عِتْقِ الْكَفَّارَةِ بِصِفَةٍ، وَإِعْتَاقُ عَبْدَيْهِ عَنْ كَفَّارَتَيْهِ عَنْ كُلٍّ نِصْفُ ذَا وَنِصْفُ ذَا، وَلَوْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ نِصْفَيْنِ عَنْ كَفَّارَةٍ فَالْأَصَحُّ الْإِجْزَاءُ إنْ كَانَ بَاقِيهِمَا حُرًّا وَلَوْ أَعْتَقَ بِعِوَضٍ لَمْ يَجُزْ عَنْ كَفَّارَةٍ، وَالْإِعْتَاقُ بِمَالٍ كَطَلَاقٍ بِهِ، فَلَوْ قَالَ أَعْتِقْ أُمَّ وَلَدِك عَلَى أَلْفٍ فَأَعْتَقَ نَفَذَ وَلَزِمَهُ الْعِوَضُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا فَفَعَلَ عَتَقَ عَنْ الطَّالِبِ وَعَلَيْهِ الْعِوَضُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ عَقِبَ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ ثُمَّ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا أَوْ ثَمَنَهُ فَاضِلاً عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً وَسُكْنَى وَأَثَاثًا لَا بُدَّ مِنْهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَلَا يَجِبُ بَيْعُ ضَيْعَةٍ وَرَأْسِ مَالٍ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا عَنْ كِفَايَتِهِ، وَلَا مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ نَفِيسَيْنِ أَلِفَهُمَا فِي الْأَصَحِّ، وَلَا شِرَاءٌ بِغَبْنٍ، وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ اعْتِبَارُ الْيَسَارِ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ عِتْقٍ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ بِالْهِلَالِ بِنِيَّةِ كَفَّارَةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّتَابُعِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ بَدَأَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ حُسِبَ الشَّهْرُ بَعْدَهُ بِالْهِلَالِ وَأَتَمَّ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثِينَ، وَيَفُوتُ التَّتَابُعُ بِفَوَاتِ يَوْمٍ بِلَا عُذْرٍ وَكَذَا بِمَرَضٍ فِي الْجَدِيدِ، لَا بِحَيْضٍ وَكَذَا جُنُونٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْ صَوْمٍ بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ قَالَ الْأَكْثَرُونَ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ أَوْ لَحِقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ خَافَ زِيَادَةَ مَرَضٍ كَفَّرَ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَوْ فَقِيرًا لَا كَافِرًا، وَلَا هَاشِمِيًّا، وَمُطَّلِبِيًّا سِتِّينَ مُدًّا، مِمَّا يَكُونُ فِطْرَةً.
|